فليت سيوفهم كانت عصيا
وليت نجومهم كانت رجوما
قال صاحبي وهو مقبل عليه: إني أراك موتورا، فلا بدع إذا بالغت في النعي على القوم فيما يذهبون إليه من ضروب سياستهم.
قال البائس: وما عسى أن تقول إذا حدثتك عن حياة الضابط الإنجليزي في الجيش المصري.
يهبط أحدهم مصر فما هو إلا أن يشم نسيمها حتى يقابله الآمر بمنصب في جيشها.
فإذا سما من رتبة المأمور إلى رتبة الآمر، وأصبح عطاؤه الذي كان لا يتجاوز أيام الأسبوع عدا، وقد تجاوز أيام الشهر، ونقلته كيمياء القوة من معدن يرغب عنه إلى معدن يرغب فيه، وقذفت به يد الطمع من مناجم الفحم إلى كنوز الذهب، وهبت ريح سعوده، ونسي جلود جدوده. نظر إلى المصري تلك النظرة التي أسلفنا وصفها، وقد جعلوا ثوابا لمن يتعلم العربية منهم في وقت وجيز، فترى قادمهم يصطفي بعض التراجمة أو المتزلفين من الضباط فيأخذ عنهم مبادئ اللغة، ولا يبدأ فيها إلا بحفظ كلمات الهجر والفحش، فإذا وعى منها كلمة وأراد استعمالها فيما وضعت له، أسرع إلى المصري فجبهه بها عن غير ذنب، فتخرج من فيه وهي كأنها حجارة المنجنيق، فإذا أن لصدمتها ذلك المسكين أوسعه سبا باللغة الإنجليزية. كذلك نصيب كل مصري يخاطبه الإنجليزي بالعربية، ولم يفهم مقصده لتعذر النطق عليه، أو لعذوب الكلام عنه، أو لإيراده على طريقة النطق الإنجليزي، فينطقه بلسان يرتضخ إنجليزية، وحلق كأنه يقيء.
ولقد مررت ببعضهم وهو يكاد يقطر غضبا، وينشق غيظا، وأمامه مصري قد انفجر في وجهه بركان الغضب الإنجليزي، فبحثت في الأمر فإذا الإنجليزي حديث العهد باللغة.
والويل لمن يقع تحت سيطرة الإنجليزي قافلا من الهند، فإن رجله إلى لكز من يخاطبه أسرع من لسانه إلى سبه.
ومن لم ير نعيم الدنيا أو يذق عيش الترف، فليقدم الجيش، وينظر الإنجليزي في لين عيشه، ورخاء باله بين مبتسم زمانه، وعز سلطانه. إذا صاح ابتدرت صيحته الألوف، وإذا مشى قامت إجلالا له الصفوف، وإذا لبس القلنسوة كانت لها في النفوس رهبة التاج، وإذا غضب تقطعت لخوف بطشه الأوداج.
أأفريدون في التاج
अज्ञात पृष्ठ