3
وجد شهريار نفسه في مدينة ليست من صنع بشر، كأنها الفردوس جمالا وبهاء وأناقة، ونظافة ورائحة ومناخا، تترامى بها في جميع الجهات العمائر والحدائق، والشوارع والميادين المكللة بشتى الأزهار، وتنتشر فوق أديمها الزعفراني البرك والجداول، سكانها نساء، لا رجل بينهن، ونساؤها شباب، وشبابها جمال ملائكي .. وانتبهن إلى القادم، فهرعن إلى الطريق الملكي المؤدي إلى القصر، وسجدن بين يديه، وهن ينشدن نشيد الشكر .. ومضى هو مع الصبية إلى القصر.
4
انبهر بالقصر كأنه أحد صعاليك شعبه .. آمن بأن قصره القديم لم يكن سوى كوخ قذر .. قادته الصبية إلى قاعة العرش .. الملكة تضيء على عرشها بين جناحين من صبايا كاللآلئ.
سجدت الصبية بين يدي الملكة وقالت: عريسك الموعود يا صاحبة الجلالة.
ابتسمت الملكة ابتسامة أفقدته لبه .. سجد بدوره وهو يقول: ما أنا إلا عبد مولاتي.
فقالت الملكة بصوت عذب كأجمل الألحان: بل أنت شريكي في الحب والعرش.
فقال بصدق وأمانة: يقتضي الواجب أن أصارحك بأنني عشت في الماضي حياة طويلة حتى شارفت الشيخوخة.
فقالت الملكة بعذوبة: لا أدري عما تتحدث. - إني أتحدث عن قبضة الزمن يا مولاتي.
فقالت بسرور: ما عهدنا الزمن إلا صديقا وفيا، لا يطغى ولا يغدر.
अज्ञात पृष्ठ