وقعت أحداث مثيرة للشجن .. فقد افترس مرض غامض في وقت واحد تقريبا امرأتين جميلتين فاضلتين؛ قمر العطار، وقوت القلوب امرأة سليمان الزيني .. ولم ينفع في إنقاذهما إخلاص عبد القادر المهيني وخبرته .. وبموتهما حمل الطبيب هما خفيا احتار كيف يتعامل معه .. هل يصمت صونا لسمعة أصدقائه؟ .. هل يخشى أن يغطي صمته على مجرم وجريمة؟ تفكر الرجل طويلا، ثم مضى إلى مقابلة خليل فارس كبير الشرطة .. قال له: سأطرح عليك همي لعل الله يهدينا إلى سواء السبيل.
وتنفس الرجل بعمق، ثم استطرد: ليس مرضا ما أصاب قمر شقيقة حسن العطار وقوت القلوب امرأة سليمان الزيني؛ فقد تبين لي أنهما تناولتا سما قتلهما ببطء.
تمتم كبير الشرطة باهتمام: انتحار! .. لماذا؟ .. جريمة قتل، كيف؟ - قبيل احتضار كل منهما لفظت باسم فاضل صنعان بتقزز ورعب.
فهز الرجل رأسه باهتمام متصاعد، فقال الطبيب: خلاصة ما فهمته أنهما حلمتا ذات ليلة بأنه اعتدى عليهما، ثم وضح لهما أن ثمة آثارا تقطع بأن الحلم كان حقيقة واقعة. - هذا مذهل .. هل خدرهما؟ - لا أدري. - أين وقع الحلم؟ - في فراشهما بداريهما. - هذا مذهل حقا .. وكيف تسلل إلى الدار؟ .. وكيف خدرهما حتى يقضي وطره؟ .. أله شركاء في الدارين؟ - لا أدري. - هل فاتحت حسن والزيني في الموضوع؟ - لم أجد الشجاعة الكافية. - ماذا تعرف عن فاضل صنعان؟ - شاب لا غبار عليه، وهو من خيرة الشبان. - ثمة شبهة لم يقم دليل عليها بعد، أنه من الخوارج. - لا علم لي بذلك!
فقال كبير الشرطة بحزم: سألقي القبض عليه في الحال، وأجري معه تحقيقا دقيقا.
فقام عبد القادر قائلا: لعلك تجري تحقيقك في كتمان رحمة بسمعة المرأتين.
فقال خليل فارس دون مبالاة: كشف الحقيقة هو ما يهمني في المقام الأول!
10
ألقي القبض على فاضل صنعان، وسيق من فوره إلى السجن. اهتم حاكم الحي عباس الخليجي بالقضية، واستدعى للقائه حسن العطار وسليمان الزيني، وباغتهما بالسر الذي أشفق الطبيب من قذفهما به .. كأن ضربة عنيفة أطاحت برأسيهما، وهان بالقياس إليها الموت نفسه .. أمر الرجل باستدعاء فاضل صنعان من السجن ليحقق معه بنفسه، فجاءه خليل فارس وحده وهو يقول بخزي عظيم: هرب المجرم ولا أثر له في السجن!
فثار الحاكم ثورة جائحة، وانهال على كبير الشرطة بالتقريع والاتهام، فقال الرجل بحيرة ممزقة: هروبه لغز لا حل له، كأنه عمل من أعمال السحر الأسود.
अज्ञात पृष्ठ