اشتعلت نشاطا ومقدرة .. قالت إنه يوم الفصل والنصر .. ضحكت طويلا كما ضحك سخربوط .. وفي الحال قصدت كاتم السر الفضل بن خاقان .. تكررت اللعبة والمأساة .. ضربت له موعدا عقب صلاة المغرب .. أما سليمان الزيني فكان موعده عقب صلاة العشاء .. نور الدين عاشق الروح وعديل السلطان وافق على الذهاب بعد العشاء بساعتين، وقد حرر لها رقعة لمقابلة الوزير دندان وأخرى للقاء السلطان شهريار بحجة أن تظفر بالعدل والإنصاف عند أي منهما .. هوى الرجال جميعا وتطلع كل إلى موعده وقد فقد رشده .. حتى دندان وشهريار!
16
في موعده جاء المعين بن ساوي بدقة فلكية تعكس عيناه معاناة عاشق قديم .. رمى بالبدرة في خفة طفل سعيد، لم ير من الوجود الفخم إلا كوكبه الساطع، وثمل بالنشوة حتى استقر عند قدميها .. ليس في الجلسة إلا بروق الوعود السعيدة المحتدمة ولا مكان بها للعواقب .. شرب من يد العبد تارة ومن يدها أخرى، وتمادى في أفانين الهوى حتى تجرد من ثيابه فارتد للعصر البدائي .. وهو يندفع بها نحو الفراش اندفع العبد داخلا مهرولا، وانكب على أذنيها فأسر إليها بسر خطير كما بدا .. وثبت واقفة، أسدلت على جسدها البض طيلسانها وهمست محمومة: زوجي وصل.
أفاق الرجل من سكرته بضربة قاضية فشدته من يده إلى حجرة جانبية، ثم أدخلته في صوان، أغلقته بإحكام، وهي تقول من خلال رجفة الاضطراب والذعر: ستذهب بأمان في الوقت المناسب.
فهتف الرجل: إلي بثيابي.
فقالت وهي تبتعد: إنها في الحفظ والصون، اصمت، لا صوت ولا حركة وإلا هلكنا!
17
تتابعت الرجال .. الفضل بن خاقان .. سليمان الزيني .. نور الدين .. دندان، شهريار .. استسلموا للنداء الآسر، ثملوا بالنشوات المعربدة، ثم سيقوا عرايا إلى الأصونة، وترامى إليهم صوت أنيس الجليس وهي تضحك ساخرة، فأدركوا أنهم وقعوا في شرك محكم .. قالت: غدا في السوق سأعرض الأصونة للمزاد بما فيها ..
وضحكت مرة أخرى وواصلت: سوف يشاهد شعب السوق سلطانه ورجال دولته وهم يباعون عرايا!
18
अज्ञात पृष्ठ