فقال شهريار بعد تفكير: ولكن القسوة يجب أن تبقى ضمن وسائل السلطان!
فتفكر دندان بدوره، ثم قال بحذر: الحكمة - لا القسوة - هي ما يقصد مولاي.
فضحك السلطان ضحكة مزقت صمت الليل، وقال: ما أنت إلا منافق يا دندان، ماذا قال المجنون؟ قال إن الرأس إذا صلح صلح الجسم كله .. فالصلاح والفساد يهبطان من أعلى، غمزني بجرأة لا تكون إلا للمجانين، ولكنه عرف سر القضية .. كيف تهيأ له ذلك؟ - من أدراني يا مولاي بما يدور في رءوس المجانين؟ - زعم أنه أحاط بالأسرار مذ كان كبيرا للشرطة. - ما زال يصر على أنه جمصة البلطي، وهو ادعاء يكذبه رأس جمصة البلطي المعلق على باب داره .. لعله حقا من رجال الغيب.
فقال شهريار وكأنما يناجي نفسه: علمتني شهرزاد أن أصدق ما يكذبه منطق الإنسان، وأن أخوض بحرا من المتناقضات، وكلما جاء الليل تبين لي أني رجل فقير!
2
قالت زرمباحة لسخربوط: أخشى أن يركبنا الضجر.
فقال سخربوط مشجعا: بل ستتاح فرص وتخلق فرص يا تاج الذكاء.
وترامى صوت قمقام من أعلى الشجرة، وهو يقول: إذا تردد التذمر بينكما فهو البشرى بالرضا.
فقالت له زرمباحة ساخرة: ما أنت إلا عجوز عاجز.
فقال سنجام من مجلسه لصق قمقام: الأرض تشرق بنور ربها، ونحو النور يتطلع ليل نهار جمصة البلطي ونور الدين العاشق، حتى عجر استقر في دكانه وتاب عن تطلعاته .. أما شهريار السفاح فثمة نبضة هدى تقتحم عليه هيكله المليء بالدم المسفوك.
अज्ञात पृष्ठ