كَتَبَ الجمالَ على صحيفةِ خَدَّهِ ... يا حُسْنَهُ لا بأسَ أنْ يتعوَّذا
أضحى الجمالُ بأسرهِ في أسرهِ ... فلأجل ذاكَ على القُلُوب استحوذا
وأتى العذولُ يلومُني من بعد ما ... أخذ الغرامُ على فيه مأخذا
لا أنتهي لا أنثني لا أرعوي ... عن حُبِّه فليهذُ فيه مَنْ هذى
والله ما خطررَ السّلو بخاطري ... ما دُمْتَ في قَيْد الحياة ولا إذا
إنْ عشتُ على هواه وإنْ أمتْ ... وَجْدًا به وصبابة يا حبَّذا
إنَّي ليعجبني تلا في الهوى ... ويلذُّ لي ما قد لقيتُ من الأذى
ثم جرينا في ميدان الهوى والخلاعة، وبذلنا في طاعة الهوى جهد الاستطاعة، وعصينا الوقار والنهى، وبلغنا كل قلب ما اشتهى، وأعطينا النفوس غاية أمانيها، وسلمنا قوس التصابي إلى باريها.
واستعذبت ريقه فلم أفتر من الرشف، واستطيبت تقبيله فما غفلت عن ذاك لمحة طرف، فجعلت أقبله وأتوه في العادة عن العد، فيقول: أما تحسب قبلك التي لا توصف ولا تحد:
وغَدَا يُنادمني وكأسُ حديثه ... أِهى إليَّ من الرَّحيق وأطيبُ
قال: احسبِ القُبَلَ التي قَبَّلْتَني ... فأجبتُ: إنَّا أمَّةٌ لا تحَسبُ
فشكرت تلك الليلة التي جادت بعد شحها ويخلها، وتداويت بالعيون التي رمتني بنبلها ونجلها، فيا لله ما كان أطيبها وأقصرها، وأحسنها في القلوب وأخصرها، ففي راحتي بقية من طيب ذلك الشذا العاطر، وفي فمي حلاوة من ذلك الريق الشهي الطاهر:
وجادَ الزَّمانُ به ليلةً ... وعمَّا جرى بيننا لا تَسَلْ
فَأَنْحَلْتُ قامَتهُ بالعناقِ ... وأذبلتُ مرشَفَهُ بالقُبَلْ
1 / 70