راحٌ زحفتُ على جيش الهُمُوم بهاَ ... حتَّى كانَّ سَنَا الأكوابِ راياتُ
تجولُ حولَ أوانيها أشَّعُتهَا ... كأنَّما هي للكاساتِ كاساتُ
تذكَّرت عند قوم دوسَ أرجُلِهِم ... فاسْتَرْجَعْتْ من رؤُوُس القوم ثاراتُ
كأنَّها في أَكُفِّ الطَّائفين بها ... نارٌ تطوفُ بها في الأرض جنَّاتُ
من كُلِّ أغيدَ في دينار وَجْنَتِهِ ... توزَّعت من قُلُوب النَّاس حبَّاتُ
مُبلبلُ الصَّدْغِ طَوعُ الوصل مُنعطف ... كأنَّ أصداغه للُّطف واواتُ
ترنَّحتْ وهي في كَفَّيْهِ من طَرَبٍ ... حتَّى لقد رقَصَتْ تلكَ الزُّجاجاتُ
وبتُّ أشربُ من فيهِ وخمرِتهِ ... شُرْبًا تُشَنُّ به للعقل غاراتُ
وينزل اللَّثمُ خدَّيْه فيُنْشِدهُا ... هي المنازلُ لي فيها علاماتُ
سقُيًا لتلك اللُّيَيْلاتِ التي سلفتْ ... كأنَّما العُمْرُ هاتيكَ اللُّيَيْلاتُ
ولم نزل نميت الدنان ونحيي النفوس، ونزمر بالكؤوس، ونرقص بالرؤوس، ونأخذ أوتارًا لهم بأوتار العود، ونستنشق أرج نسمات العنبر والعود، ويحاسبني على اللثم فأغلط في العدد وأعود:
سألتُهُ التّقبيلَ في خَدِّه ... عشرًا وما زادَ يكون احتسابْ
فَمُذْ تَعَانَقْنَا وقَبَّلْتُهُ ... غلطتُ في العَدِّ وضاعَ الحسابْ
وبقيت أتذكر أيام الفراق، فآخذ الثار بساعات التلاق، والمحبوب قد رمى العمامة عن رأسه، وقطب وجهه عند قهقهة كأسه، وصاحبي معنا جالس في المقام، برسم قط الشموع وصف الزهور ومزج المدام.
1 / 65