حظا من الرقاد الهني، وأنهلك المرشف الزلال الشهي السني، وأضجعك مع المحبوب في فراش واحد، وقلد جيدك منه بمعصم وبساعد، وأباحك لثم الخدود ورشف الثغور، وسرك بحل عقدة البند من الأرداف والخصور، وجمع شملك بمن تحب وتختار، وشمل جمعك بمزار الدنو ودنو المزار.
ثم تحين غفلة أترابه، وركض نحوي بجواده، ففتح لي باب الفرج وأدخلني من باب النصر دار إسعاده، وقال: امض بنا مسرعا إلى آخر باب هذا البستان، واسترنا حتى عن عيون النرجس الغيران؛ لنتشاكى هما كثيرًا في ساعة يسيرة،
ووجدًا طويلًا في جلسة قصيرة.
فسرتُ أمامه منشرح الصدر بتلك الجلسة، مهنا القلب بتلك الخلسة، فنظر يمينًا وشمالًا، وقد تمايل عجبًا ودلالًا، وقال أقمْ حوالينا الحرس، وانحط كالسهم عن ظهر الفرس، واقبلَ يتمايل بقده كالقضيب المائس، ويرنو بطرفه الكحيل الناعس، وقد سارتْ محبته في سائري، ولم يخطرْ سواه بفكري وخاطري:
وافى شبيهَ البَدْرِ يخطرُ مائلًا ... ثملُ القوامِ فديتهُ من خاطرِ
لا شيء أبلغ في هواهُ من الرَّدى ... يا نفسُ دونكِ فاعشَقِيِه وخاطِري
وقال: عهدتك ذا جنان ثابت ونفس أبيه، وعقل مصيب وآراء مضية، فما الذي جشمكَ هذا الموقف العجيب، وسلمك إلى البكاء والنحيب؟! وكيف وقعتَ في أمرٍ كنت تزجر عنه الخلائق، وتزدري منه بكل مهجور وعاشق؟! وكيف غررت بنفسٍ لم تبرح في صيانة،
1 / 19