195

लवाकिह अनवर

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

प्रकाशक

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

प्रकाशन वर्ष

1315 هـ

في زمانه يقول: لتلامذته " كنتم خير أمة أخرجت للناس " " آل عمران: 110 " لأنهم أخذوا عن إمام لم يتقدمه مثله، ولم يعاصره نظير، وإن للمأموم حكم إمامه فإن قال: لهم ذلك بلسانه فذلك منه حق، وصدق وإن قال ذلك، وليس هو من أهل ذلك المقام كذبه الحال فيما قال: " والحق أحق أن يتبع " فافهم، وكان يقول: لا يرى الحق تعالى في الآخرة بلا حجاب إلا أهل التنزيه المطلق، وهو تجريد التوحيد عن شريك يقابله أو يشوبه لشهودهم الأحد أحدا لا شريك له مطلقا، وهذا هو سر العيان الذي يستحيل معه الحجاب فافهم، وأما أهل التنزيه المقيد فلا بد لهم من حجاب كما أشار إليه حديث " وما بين أهل الجنة، وبين أن يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " وهؤلاء هم الذين ينكرون الحق يوم القيامة إذا تجلى لهم في غير معتقداتهم، وسئل رضي الله عنه عن مريد ادعى أنه شهد كمال أستاذه ثم أراد السفر عن حضرته لزيارة مكة أو المدينة أو بيت المقدس، واستدل على ذلك بسفر عمر رضي الله عنه من حضرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة لوفاء نفره فقال: رضي الله عنه المريد الصادق أول ما يشهد في شيخه الكمال يجده في حضرة الحق التي بها أرواح أئمة الهدى أجمعين بالنسبة إليه فكيف مع هذا يفارق تلك الحضرة لمواضع آثار الأنبياء عليهم الصلاة، والسلام التي هي دون الحضرة التي شهد أستاذه فيها وكيف يشتغل عن بيت وضعه الحق لنفسه ببيت وضعه للناس أو عن مجالسة مظهر أرواح الأنبياء، والتلقي عنها مواجهة مشافهة بآثار أبدانهم، وأفعالهم، وأما سفر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنما كان امتثالا لأمر الله عموما حيث قال: " يوفون بالنذر " ثم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصا حيث قال: " يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام قال أوف بنذرك " وحسبك إشارة أن عمر رضي الله عنه لو كان يعرف مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم نذر ذلك لم ينذره، وقدم مجالسته لرسول الله صلى الله عليه وسلم على كل شيء " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله، وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه " إلى قوله " واستغفر لهم الله " فانظر مع الاستئذان، والإذن في ذهابهم لبعض شأنهم الذي احتاجوا إليه كيف احتاجوا إلى الاستغفار لهم، ولم يكف فيه استغفارهم لأنفسهم فليس لمزيد صادق أن يفارق إمام حضرة هدايته أبدا. قلت، ويتعين استثناء الحج المفروض من كلام الشيخ رحمه الله تعالى، وكان يقول. في قوله تعالى: " إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " جمع الله تعالى له بين الكلمة العلمية، والروح الإرادية، وقال: " فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا " فالروح هو الذي غلب بحكمه العلمي على النسمة الكائنة من مريم فكان بها متمثلا، ولذلك قال: " وما قتلوه " لأن الغالب عيه صورة الحياة فالقتل عليه محال، وإن وقع على النسمة المتمثل بها حكم من الأحكام اللائق بها فلذلك لا يؤثر في المتمثل بها أصلا لأن ما بالذات لا يزول بالعرض حقيقة، وإن توارى بحكم آخر يخالفه فذلك بالنسبة إلى من لم يدرك منه إلا ذلك الحكم الذي توارى به، وربما يقول: هذا فكيف صح أن موسى عليه السلام فقأ عين ملك الموت فرجع إلى ربه فردها عليه فالجواب أن هذا الملك روح طبيعي تمثل في صورة طبيعية فلم يبعد عنه ذلك لأنه من عالمه، ولو لم يكن طبيعيا لكان الفقء لم يقع إلا في المثال فقط ثم تمثل بمثال آخر، وأبدل مكان العين المفقوءة عينا سليمة، وأطال في ذلك وكان رضي الله عنه يقول: في معنى قول بعض الصوفية إن الحق ذات كل شيء، والمحدثات أسماؤه انتهى. معنى الأول أن كل شيء لا يقيمه، ويوجده، ويحققه إلا الحق لأن الذات هي المقومة المحققة للعرض، ولما كان الحق من المحدثات بهذه المنزلة هو قيومها الذي لا قيام لها دونه أطلقوا عليه ذاتها، وأما كونها أسماءه فلأنها دالة عليه دلالة لازمة ذاتية لها كما هو دلالة المفعول على فاعله، والاسم ما دل بذاته على ما وضع له فمن ثم سموا المحدثات أسماء لقيومها الذي أوجدها فافهم، وكان يقول: من أراد أن ينقاد له العالم انقيادا ذاتيا فلا يطلب إلا الله تعالى وذلك أن

الإنسان المخلوق على صورة الكمال يطل بجميع المخلوقات كما يطلبون الرحمن لأنه نائبه في الكون فافهم، وكان يقول: من شأن الذات الإطلاق لذاتها، وتساوى النسب لصفاتها، ومن ثم لا يشعر موجود بإطلاق إلا كان بذاته أحن إليه من التقييد وأطال في ذلك. سان المخلوق على صورة الكمال يطل بجميع المخلوقات كما يطلبون الرحمن لأنه نائبه في الكون فافهم، وكان يقول: من شأن الذات الإطلاق لذاتها، وتساوى النسب لصفاتها، ومن ثم لا يشعر موجود بإطلاق إلا كان بذاته أحن إليه من التقييد وأطال في ذلك.

وكان يقول: إذا صفت الأرواح صارت تهم أن تنفذ من أقطار السموات والأرض لتفارق حكم عالم الكثافة والغير إلى حكم

पृष्ठ 25