191

लवाकिह अनवर

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

प्रकाशक

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

प्रकाशन वर्ष

1315 هـ

في استفتاحه: " وما أنا من المشركين " " الأنعام: 79 " إلا حتى لا يرى غيره ولا المصلى، ولا القبلة، ولا المناجي فاجعل ربك مشهودك دون غيره، وكان يقول من أعجب الأمور قول الحق تعالى لسيدنا موسى عليه السلام " لن تراني " أي مع كونك تراني على الدوام فافهم، وكان رضي الله عنه يقول في قوله تعالى: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " " العنكبوت: 45 " كل شيء، وجدته حاجزا لك عن الفحشاء، والمنكر يوجد العدل، والإحسان فهو الصلاة في كل مقام بحسبه " وجعلت قرة عيني في الصلاة " فهو السر الفعال في كل مرتبة صلاتية، والصلاة صلة بين العبد وربه " ولذكر الله أكبر " وهو شهود ذاته، وحده لا شريك له لم يكن شيء غيره فافهم، وكان يقول في قول الجنيد رضي الله عنه لون الماء لون إنائه حين سئل عن المعرفة، والعارف هو على قسمين أحدهما أن الماء على لون، وإناؤه لا لون له كالأواني الشفافة الساذجة من الصبغ فيكون الإناء مشهودا على لون مائه، والثاني عكسه فيكون الماء مشهودا على لون إنائه، وفي الأول المشهود هو لون الماء، والوهم في تشبهه في الإناء، والثاني عكسه فليس التحقيق إلا في الأفراد كل حقيقة بنفسها في كل مقام بحسبه فافهم، وكان رضي الله عنه يقول: في قوله: " ألا إنه بكل شيء محيط " " فصلت: 54 " أي كإحاطة ماء البحر بأمواجه معنى، وصورة فهو حقيقة كل شيء وهو ذات كل شيء وكل شيء عينه، وصفته فافهم، وكان يقول العارفون يظهرون مواجيدهم للناظرين في مرايا الأدلة المقبولة عندهم، والنظار يأخذون مواجيدهم من تلك الأدلة المقبولة فافهم، وكان يقول: من وجد ثم بحث كان بحثه عيبا في كل مقام بحسبه فافهم.

وكان يقول: متى جردت الحقائق عن اللواحق، والنسب، وأفردت عما به تتمايز الرتب لم تكن إلا دأبا فقط فإن ذقت حقيقة التحقيق فمن ثم فخذها بقوة فافهم.

وكان يقول التغاير أم الحجب، والتكاثر فافهم، من لم يشهد إلا واحدا فليس عنده زائد، ومن لم يشهد إلا حقا فاعل في خلق قابل ليس عنده باطل، ومن لم يشهد إلا أمر الرحمن ليس عنده أمر الشيطان، وقس على هذا فلكل مقام مقال فافهم، وكان يقول من علم أن لا إله إلا الله لم يبق لأحد عنده ذنب سيما لمن يعترف بذلك " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " " محمد: 19 " أي بلا إله إلا الله، وكان يقول في حديث " أنا عند طن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني " أي مهما تصورني به من الصور كنت ممده من أفق تلك الصورة بحكمها فافهم، وكان يقول ما عبد عابد معبودا إلا من حيث رأى له، وجها إلهيا ولكن الكامن يدعو ناطقة النواطق إلا الانطلاق من قيد وجه إلهي محبوب بمرتبة مألوهه سيما، وألوهيته منكورة في النظر الآدمي، وأطال في بيان ذلك، وكان يقول: انظر إلى مراتب التعابد كيف كل منها محتاج في ظهوره إلى الآخر الذي يقابله فلولا الواجب ما ظهر الممكن ممكنا، ولولا الممكن ما ظهر الواجب، واجبا فلكل، واحد أثر في الآخر كالعلة، والمعلول، والفعل، والمفعول والعالم والمعلوم. وسئل رضي الله عنه عن قول فرعون " وما رب العالمين " هل هو سؤال عن ماهية الله تعالى كما يقال: وهل عدول موسى عليه السلام عن الجواب المطابق كما زعموا تنبيها على غلط السائل في سؤاله عن المجرد الحقيقي بما التي تطلب حقيقة ماله جنس، وفصل يجاب بهما عنها. فأجاب رضي الله عنه هذا سؤال عن ماهية صفة من صفات الله لا عن ماهية الله، والجواب مطابق رسمي لأنه أجاب بالخاصة المعلوفة عند السائل، ويمكن أن يكون جعل الجواب تفسيرا للفظ تنبيها على أن المسمى معروف بوضوح أدلته معرفة ضرورية لكل عاقل فلا يسأل عنه إلا متعنت أو من لا يعقل، ولذلك قال في الثالثة " إن كنتم تعلقون " فقيل هل في ذلك سر؟ فقال رضي الله عنه فيها أسرار: منها أن رب العالمين هو القائم على كل كائن بتربيته حتى يقوى ذلك الكائن، ويقول من توجهت قواه لتربيته فهو وجود الكل، والأمر له جميعا، ومن ثم توجه قول فرعون: " لئن اتخذت إلها غيري " " الشعراء: 29 " الآية، وحفظ له موسى حرمة مشهده فلم يجبه بأكثر من قوله: " أولو جئتك بشيء مبين " فجاءه بعصا ظهرت ثعبانا، وهو وجودها المتعين بها فما جاء بمجيئها إلا هو فهو متصرف بذاته في حجب تعيناته، ومظاهر تجلياته فجاء بالحق المبين حيث جاء " لقد جاءت رسل ربنا بالحق " فكان فرعون شاهدا بلا أدب، وموسى شاهد حي وأين قول فرعون له: " إني لأظنك يا موسى مسحورا " " الإسراء: 101 " من قوله: " لقد علمت " أي المسحور، والمجنون المستور المحجب، ولا يعلم ذلك إلا مشاهد عارف بأن مشهوده مستور عن سواه، وهكذا حين قال:

पृष्ठ 21