लवाकिह अनवर
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
प्रकाशक
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
प्रकाशन वर्ष
1315 هـ
: الصدقة أفضل من العبادات البدنية والنوافل وكان رضي الله عنه يقول: أخوك الذي يحل لك أكل ماله بغير إذنه هو الذي تسكن نفسك إليه ويستريح قلبك فيه، وكان إذا رأى على فقير جبة صوف يقول له يا ولدي انظر بزي من تزييت، وإلى من قد انتسبت قد لبست لبسة الأنبياء، وتحليت بحلية الأتقياء هذا زي العارفين فاسلك فيه مسالك المقربين، وإلا فانزعه، وكان رضي الله عنه يقول: إذا صلح القلب صار مهبط الوحي والأسرار، والأنوار، والملائكة، وإذا فسد صار مهبط الظلم، والشياطين، وإذا صلح القلب أخبرك بما وراءك، وأمامك، ونبهك على أمور لم تكن تعلمها بشيء دونه، وإذا فسد حدثك بباطلات يغيب معها الرشد، وينتفي معها السعد، وكان رضي الله عنه يقول: من شرط الفقير أن يرى كل نفس من أنفاسه أعز من الكبريت الأحمر فيودع كل نفس أعز ما يصلح له فلا يضيع له نفس وكان رضي الله عنه يقول: السفر للفقير يمزق دينه ويشتت شمله، وكان يقول: لمن شاوره في التزويج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تزوج لله كفى ووقى " وكان رضي الله عنه يقول: من لم ينتفع بأفعالي لم ينتفع بأقوالي وكان يقول: الأمر أعظم مما تظنون وأصعب مما تتوهمون وكان يقول: كل أخ لا ينفع في الدنيا لا ينفع في الآخرة وكان رضي الله عنه يقول: إذا تعلم أحدكم شيئا من الخير فليعلمه الناس يثمر له الخير، وكان يقول: طريقنا مبنية على ثلاثة أشياء لا تسأل، ولا ترد ولا تدخر، وكان يقول: من علامة إقبال المريد أن لا يتعب شيخه في تربيته بل يكون سميعا مطيعا للإشارة، وأن يفتخر شيخه به بين الفقراء لا أنه يفتخر هو بشيخه، وكان يقول: الفقير إن غضب لنفسه تعب وإن سلم الأمر لمولاه نصره من غير عشيرة، ولا أهل وكان يقول: ما من ليلة إلا وينزل فيها نثار من السماء إلى الأرض يفرق على المستيقظين وكان يقول: والله مالي خيرة إلا في الوحدة فيا ليتني لم أعرف أحدا، ولم يعرفني أحد، وكان رضي الله عنه يقول: ما نظر أحد إلى الخلائق ووقف مع نظرهم في العبادات إلا سقط من عين الله عز وجل وكان رضي الله عنه يقول: من شرط الفقير أن لا يكون له نظر في عيوب الناس.
وكان يقول: كم طيرت طقطقة النعال حول الرحال من رأس وكم أذهبت من دين، وكان رضي الله عنه يقول: من تمشيخ عليكم فتتلمذوا له فإن مد يده لكم لتقبلوها فقبلوا رجله، ومن تقدم عليكم فقدموه، وكونوا آخر شعرة في الذنب فإن الضربة أول ما تقع في الرأس، وكان رضي الله عنه يقول: وعدني ربي أن لا أعبر عليه، وعلى شيء من لحم الدنيا قال يعقوب الخادم ففني لحمه بأجمعه قبل خروجه من الدنيا، وكان يقول: إن العبد إذا تمكن من الأحوال بلغ محل القرب من الله تعالى وصارت همته خارقة للسبع السموات، وصارت الأرضون كالخلخال برجله، وصار صفة من صفات الحق جل وعلا لا يعجزه شيء، وصار الحق تعالى يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه قال: ويدل لما قلناه ما ورد في بعض الكتب الإلهية يقول الله عز وجل: يا بني آدم أطيعوني أطعكم، واختاروني أختركم، وارضوا عني أرض عنكم وأحبوني أحبكم، وراقبوني أراقبكم، وأجعلكم تقولون للشيء كن فيكون يا بني آدم من حصلت له حصل له كل شيء ومن فته فاته كل شيء.
قلت: وقوله وصار صفة من صفات الحق تعالى لعله يريد التخلق والاتصاف بصفاته تعالى من الحلم، والصفح، والكرم لأنه لا يصلح لأحد أن يكون عين صفات الحق فهو كقوله: " فبي يرى وبي يسمع وبي ينطق " وما أشبه ذلك، وكان رضي الله عنه إذا صعد الكرسي لا يقوم قائما وإنما يتحدث قاعدا، وكان يسمع حديثه البعيد مثل القريب حتى إن أهل القرى التي حول أم عبيدة كانوا يجلسون على سطوحهم يسمعون صوته، ويعرفون جميع ما يتحدث به حتى كان الأطرش والأصم إذا حضروا يفتح الله أسماعهم لكلامه، وكانت أشياخ الطريق يحضرونه ويسمعون كلامه، وكان أحدهم يبسط حجره فإذا فرغ سيدي أحمد رضي الله عنه ضموا حجورهم إلى صدورهم وقصوا الحديث إذا رجعوا على أصحابهم على جليته قلت: وهذا يشبه ما وقع لإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام من النداء لما بنى للبيت فإنه قال: يا رب كيف أسمع جميع الخلائق فأوحى الله تعالى إليه يا إبراهيم عليك النداء، وعلينا البلاغ فنادى إبراهيم بالحج فأجابوه في الأصلاب من سائر أقطار الأرض البعيدة مثل القريب فالإبلاغ من الله تعالى لا من إبراهيم فإن البشرية لا تقدر على ذلك، وكان رضي الله عنه يقول: إذا أراد الله عز وجل أن يرقي العبد إلى مقامات الرجال يكلفه بأمر نفسه أولا فإذا أدب نفسه، واستقامت معه كلفه بأهله فإن أحسن إليهم، وأحسن عشرتهم
पृष्ठ 121