लवामिक अनवर
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
प्रकाशक
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
1402 अ.ह.
प्रकाशक स्थान
دمشق
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالنَّفْسِ فَهُوَ لَهُ صِفَاتٌ بِلَا كَيْفٍ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» .
قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَنَامُ، وَأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّهِ النَّوْمُ، فَإِنَّ النَّوْمَ انْغِمَارٌ وَغَلَبَةٌ عَلَى الْعَقْلِ يَسْقُطُ بِهِ الْإِحْسَاسُ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَسُبُحَاتُ وَجْهِهِ نُورُهُ وَبَهَاؤُهُ وَجَلَالُهُ، بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ سُبُحَاتُ الْوَجْهِ مَحَاسِنُهُ، لِأَنَّهُ يُقَالُ سُبْحَانَ اللَّهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا، وَأَصْلُ الْحِجَابِ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ وَالسَّتْرُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَانِعُ مِنْ رُؤْيَتِهِ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَانِعُ نُورًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ فِي الْعَادَةِ مِنَ الْإِدْرَاكِ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ.
قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ، وَالْمُرَادُ بِمَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، لِأَنَّ بَصَرَهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ إِلَخْ كَلَامِهِ، وَقَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ يَعْنِي عَلَى طَرِيقَةِ الْخَلَفِ، وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] أَيْ فَثَمَّ رِضَاهُ وَثَوَابُهُ، وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ [الإنسان: ٩] أَيْ لِرِضَاهُ وَطَلَبِ ثَوَابِهِ، وَقِيلَ فَثَمَّ اللَّهُ وَالْوَجْهُ صِلَةٌ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] الْجِهَةُ الَّتِي وَجَّهَنَا اللَّهُ إِلَيْهَا أَيِ الْقِبْلَةِ، وَالْحَقُّ الْحَقِيقِيُّ مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ إِثْبَاتِ الْوَجْهِ وَنَحْوِهِ.
[ذكر اليدين والأصابع]
وَلِهَذَا قَالَ «وَ» كَ «يَدِهِ» تَعَالَى الثَّابِتُ بِهَا النَّصُّ الْقُرْآنِيُّ، وَالْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الْعِرْفَانِيُّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠]- ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]- ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]- ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٧٣]، فَقَدْ أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ أَنَّهُ خَلَقَ أَبَانَا آدَمَ ﵇ بِيَدَيْهِ، وَكَذَّبَ جَلَّ شَأْنُهُ الْيَهُودَ فِي قَوْلِهِمْ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، فَقَالَ ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]، وَأَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، وَقَالَ ﴿سُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يس: ٨٣]، وَقَالَ ﴿تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران: ٢٦]- ﴿أَوْ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾ [يس: ٧٠]
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الْتَقَى آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ
1 / 228