लवामिक अनवर
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
प्रकाशक
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
1402 अ.ह.
प्रकाशक स्थान
دمشق
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا وَكَذَا الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ وَالْأَخْبَارُ الْأَثَرِيَّةُ كَقَوْلِهِ ﷺ " «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ وَهُوَ، النُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، نَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعُهُ - الْحَدِيثَ. وَفِيهِ - فَاتْلُوهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُؤْجِرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَلَا إِنِّي لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ عَشْرٌ، وَلَامٌ عَشْرٌ، وَمِيمٌ عَشْرٌ» .
وَقَالَ ﷺ: " «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمَنْ قَرَأَ فَلَحَنَ فِيهِ، فَلَهُ بِكُلِّ حِرَفٍ حَسَنَةٌ» " حَدِيثٌ صَحِيحٌ (؟) وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَنَّهُ مُعْجِزَةُ النَّبِيِّ ﷺ الْمُسْتَمِرَّةُ الَّذِي تَحَدَّى اللَّهُ الْخَلْقَ بِالْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ فَعَجَزُوا، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُقْرَأُ وَيُسْمَعُ وَيُحْفَظُ وَيُكْتَبُ، وَكُلُّ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي قَاعِدَتِهِ الَّتِي فِي بَيَانِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ كَلَامًا لِغَيْرِهِ لَا جِبْرِيلَ وَلَا مُحَمَّدٍ وَلَا غَيْرِهِمَا، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٩٨] إِلَى قَوْلِهِ ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [النحل: ١٠٢] بَيَانٌ لِنُزُولِ جِبْرِيلَ بِهِ مِنَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ هَذَا جِبْرِيلُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٩٧] وَهُوَ الرُّوحُ الْأَمِينُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥] .
وَفِي قَوْلِهِ " الْأَمِينُ " دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا أُرْسِلَ بِهِ لَا يَزِيدُ فِيهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الرَّسُولَ الْخَائِنَ قَدْ يُغَيِّرُ الرِّسَالَةَ. وَقَالَ فِي صِفَتِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ - ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ - مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير: ١٩ - ٢١]، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ﴾ [النحل: ١٠٢]- مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ دَلَالَةٌ عَلَى أُمُورٍ، مِنْهَا بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ كَلَامٌ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ فِي جِسْمٍ مِنَ الْأَجْسَامِ الْمَخْلُوقَةِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيِّينَ الَّذِينَ قَالُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالنَّجَارِيَّةِ وَالضِّرَارِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُسَمُّونَ كُلَّ مَنْ نَفَى الصِّفَاتَ وَقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ جَهْمِيًّا لِأَنَّ بِدْعَةَ نَفْيِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ أَوَّلُ مَا ظَهَرَتْ مِنْ جَهْمٍ، فَإِنَّهُ بَالَغَ فِي نَفْيِ ذَلِكَ فَلَهُ فِي هَذِهِ الْبِدْعَةِ مَزِيَّةُ الْمُبَالَغَةِ، وَكَثْرَةُ إِظْهَارِ ذَلِكَ، وَالدَّعْوَةُ إِلَيْهِ، وَإِنْ
1 / 163