أما تعتبرون بمن مضى قبلكم أين فرعون وهامان؟ أين شداد ونوشيروان؟ أين ثمود وعاد؟ أين سلاطين الدوراني وجبابرة الزمان؟ أين الذين جابوا الصخر بالواد؟ أين رؤساء البلد التي لم يخلق مثلها في البلاد؟ أين أحبابكم وأقرانكم؟ أين أصحابكم وأمثالكم؟ أين الأباء والأجداد؟
أما تعلمون أن الدنيا خلقت لكم، وأنتم خلقتم للآخرة، ستموتون كما مات من قبلكم، وتفوتون كما فات من كان معكم، الدنيا فانية والآخرة باقية.
أما تعلمون أن الله يعلم سركم ونجواكم، لا تخفى عليه خافية، وأن ربكم لبالمرصاد.
أما علمتم أنكم تحضرون عند ربكم، فيسألكم ربكم عن كل ما فعلتم، ويحاسبكم على ما اكتسبتم، ويناقشكم على ما جرحتم، فإن أنكرتم شهدت عليكم أعضاؤكم على رؤوس الأشهاد، فيالها من حسرة وندامة، تقولون عند ذلك: لئن رجعنا إلى الدنيا لنكونن من الشاكرين. فيناديكم مناد: هذا رجع بعيد الآن وقد عصيتم من قبل وكنتم من أرباب الفساد.
فالله الله عباد الله اتقوا الله وامتثلوا بأوامره، وانتهوا عن مناهيه، وتوبوا مما مضى لعل الله يرحمكم، ويتجاوز عن ذنوبكم، وينجيكم من الحسرات يوم الميعاد، واستغفروه في كل وقت وادعوه وانتم موقنون بالإجابة، فأن الدعاء العبادة وبه يرحم العباد.
وقولوا من صميم الفؤاد: يا الله يا رحمن نشكوا إليك قسوة قلوبنا، وكثرة ذنوبنا، وتكاسلنا عن الطاعات، وهجومنا على المخالفات، فاعف عنا واصفح، وارحمنا يوم التناد.
पृष्ठ 22