लताइफ
اللطائف المستحسنة بجمع خطب شهور السنة
शैलियों
إخواني قد ضيعتم عمركم، وصرفتم الأنفاس المعدودة في اللغو وما خفتم يوما كان شره مستطيرا، وقد جاءكم شهر رمضان، شهر المغفرة وتلاوة القرآن، شهر الصدقة والخيرات والصبر عن اللذات، شهر التوبة من العصيان، أفأنتم مضيعون فيه أوقاتكم؟ أفانتم لاعبون فيه بأنفاسكم؟ لولا تتوبون من الذنوب، وهلا تخافون يوما عبوسا قمطريرا، فتوبوا إلى الله من ذنوبكم، واعزموا أن لا تعودوا إلى ما ارتبتم لعل ربكم يلقيكم نضرة وسرورا، واعلموا أن الدنيا دار الأكدار والمحن، دار البليات والفتن لم يخلد فيه خالد، ولم يبق ولد ولا والد، وكان ذلك قدرا مقدورا، ألا تنظرون كيف يرحل الراحلون ويسافر المسافرون؟! كم من غافر يتنعم على فراشه، ويظن بقاءه إلى الأبد، فأدركه الموت وجعله هباء منثورا؟! أتظنون أن الدنيا دار الخلود؟! أم لكم براءة من عذاب النار ذات الوقود؟! أو يرسل الموت إليكم مخبرا ونذيرا؟! كلا والله إن الموت ليفاجئكم فيفرق جمعكم ويشتت شملكم، فإن كنتم من أهل السعادة فطوبى لكم، وإن كنتم أهل الشقاوة فعسى أن يرحمكم ربكم، وكان حليما غفورا، تذكروا من كان معكم في رمضان الماضي مجتهد في العبادة مجتنبا المعاصي، ففاجأه هاذم اللذات، ومفرق الجماعات، فحبس في سلاسل الهموم، وقيد في أطواق الغموم، وجعله لا يتكلم ولا يخبر صغيرا ولا كبيرا، فاشكروا على النعم المتتالية، والآلآء المتوالية حيث أبقاكم الله تعالى إلى هذه السنة، وأنعم عليكم بشهر الفضل والقدر والعزة، وقواكم على صيام أيامه، وقيام لياليه، وحط عنكم ذنوبكم، وتجاوز عن خطيئاتكم، وكان ربكم رحيما غفورا.
فاعرفوا قدر هذا الشهر وعزته، واجتهدوا في العبادة والدعاء، والاستغفار والتوبة، وأطعموا فقيرا وأسيرا، وزيدوا في الحسنات واتركوا السيئات، واتقوا عذابا وسعيرا إذا رأتكم النار من مكان بعيد سمعتم لها تغيظا وزفيرا، وإذا ألقيتم فيها دعوتم هنالك ثبورا، فأذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون، كانت لهم جزاء ومصيرا، وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنه صعد يوما الدرجة الأولى من درجات منبره، فقال: آمين، ثم صعد الثانية، ثم الثالثة، فقال: كذلك، فسأله أصحابه ما لهذا، فقال: إن جبرئيل عرض لي، فقال: بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين، فلما رقيت الثانية، قال: بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت: آمين فرقيت الثالثة، قال: بعد من أدرك كبر أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، فقلت: آمين)(1).
وورد عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (ذاكر الله في رمضان مغفور له، وسائل الله فيه لا يخيب)(2).
ورد عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (هذا رمضان قد جاء، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين، وبعدا لمن أدرك رمضان، فلم يغفر له إذا لم يغفر له فيه فمتى)(3).
पृष्ठ 128