فيا أيها الشيوخ سيأتيكم هادم اللذات ومفرق الجماعات، فقد ذهب الشباب، فاتركوا اللهو واللعب وانحرفوا عن المسرة والطرب لتنالوا حسن مآب، ما هذه الغفلة وقد أتاكم الزاجر؟ وما هذه الغشاوة؟ وقد نهركم الناهر وهو الشيب بعد الشباب، اتركوا الدنيا الدنية فإنها جيفة وطلابها كلاب، زين لكم حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ذلك متاع الحياة الدنيا، والله عنده حسن المآب.
ويا أهل الشباب؛ ذهب أوان الصبا، وفات زمان المسامحة والغنا، وجاء وقت التكليف وامتثال أوامر الملك الوهاب، فإن كنتم تقصرون عن الطاعة في هذا الوقت، ففي أي زمان تطيعون! وإن تصرفوا هذا الوقت في اللهو واللعب ففي أي وقت تتيقظون!
اغتنموا أربعا قبل أربع: الحياة قبل الموت، والصحة قبل المرض، والغنا قبل الفقر، وقبل المشيب الشباب؛ لئلا تقولوا حين الشيب ليت الشباب يعود وهو لا يعود إلى أن يقوم يوم الحساب، عليكم بقلة الطعام، وقلة المنام، وقلة الكلام، وهجران المعاصي والأثام، ومواظبة الصيام، ودوام القيام، واحتمال الجفاء من الأنام، وترك مجالسة السفهاء والعوام، وصحبة الصالحين والكرام، وافشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، وحاسبوا أنفسكم(1) قبل أن تحاسبوا، فأن الله تعالى سريع الحساب، يحاسبكم على كل ذرة ويناقشكم على كل خصلة، وهو أعلم بحالكم وعنده علم الكتاب.
पृष्ठ 16