مُنْذُ يَوْمُ الجمعة) و(لَمْ أَرَهُ مُذْ اليومُ)؛ فإذا جُرَّ الزّمان بعدهما فهما حرفا جرٍّ بمعنى (مِنْ) مع الماضي، وبمعنى (في) مع الحاضر كما تقدّم.
فإذا أتى بعدهما الفعل حُكِمَ باسميّتهما، [و] ١ كونهما ظرفين٢.
قال سيبويه٣: "وممّا يُضاف إلى الفعل قولك: ما رأيته مُذْ كان عندي، ومُنْذُ جاءني"، ومنه قولُ الفرزدق:
مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إِزَارَهُ ... فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأَشْبَارِ
يُدْنِي٤ كَتَائِبَ مِنْ كَتَائِبَ تَلْتَقِي ... فِي ظِلِّ مُعْتَركِ الْعَجَاجِ مُثَارِ٥
وقد يُضافان إلى جملة اسميّةٍ، كقول الآخر:
١ ما بين المعقوفين زيادةٌ مِنِّي يقتضيها السّياق.
٢ في ب: طرفين.
٣ نَصُّ كلام سيبويه في الكتاب ٣/١١٧ ما يلي:"وممّا يُضاف إلى الفعل أيضًا قولك: ما رأيتُه مُنْذُ كان عندي، ومُذْ جاءني".
٤ في ب: يدي، وهوتحريف.
٥ هذا بيتٌ من الكامل.
و(إزاره): مئزره. (فسما): ارتفع وشبّ، من السّموّ وهو: العلوّ. و(أدرك): بلغ ووصل. و(يدني): يقرِّب. و(كتائب) جمع كتيبة؛ وهي: الجيش. و(المعترَك): موضع الاعتراك، وهو المحارَبة. و(العَجاج): الغُبار.
والمعنى: يصف الشّاعر يزيد بن المهلّب بأنّ مخايِل النّجابة بَدَتْ عليه منذ طفولته؛ فهو رجل جِدٍّ وحرب، يقرِّب الكتائب، ويضرم نار الحرب في ظلّ غبارها الثّائر.
والشّاهد فيه: (مذ عقدت) حيث أضيف (مذ) إلى الجملة الفعليّة.
يُنظر هذا البيت في: في المقتضب ٢/١٧٦، وشرح المفصّل ٢/١٢١، وشرح الكافية الشّافية ٢/٨١٥، وابن النّاظم ٣٧٣، والجنى الدّاني ٥٠٤، والمغني ٤٤٢، والخزانة ١/٢١٦، والدّيوان ١/٣٠٥.