وقال يصف العوامل التي دفعته إلى نظم هذه القصيدة: «كانت النافذة القريبة من سريري في قاعة النوم تطل على وادي بوجاي الأخضر، المحاط بأحراج الصفصاف، والمنتهي بجبال زرقاء، يخفق على أكنافها البخار الأبيض المنتشر من الشلالات البعيدة، وكنت كلما رقد رفاقي وبدت لي الليلة قمراء، نهضت من سريري من غير أن يشعر بي أحد، وتسلقت عضائد الكرسي إلى النافذة، ثم أرسلت نظري في الشفق الهادئ ... أستمع إلى نحيب الهواء، وأناشيد البلبل، وحفيف الورق، وهمس المجاري البعيدة، ورنين أجراس المواشي في الجبال، حتى إذا مليت كل ذلك وذرفت كثيرا من دموع الذكريات، عدت إلى سريري لأستعرض في مخيلتي، في أحلامي المستيقظة، صور تلك الرءوس الجميلة الساحرة.»
نشيد
يصف لامرتين في هذه القصيدة شلالات المياه المتكسرة على صخور وادي بيللي، أما الشعور الذي أوحى إليه قصيدته هذه، فهو أن الطبيعة تحتوي الله وتظهره من غير أن تعرفه، وأن الإنسان يرى الله من خلال الأشياء.
الوداع
ودع لامرتين بهذه القصيدة مدرسة بيللي، التي خرج منها وهو في الثامنة عشرة من عمره. ولقد يرى المعجبون بالشاعر، في هذه القصيدة الجميلة، جذوة الشاعرية التي ستصبح فيما بعد شعلة خالدة تنير طريق الأدب والأدباء.
لامرتين في طريق النضوج
1808-1816
عندما ترك لامرتين مدرسة بيللي كان له من العمر سبع عشرة سنة وثلاثة أشهر، فراح يطمح إلى مركز في العالم؛ والمراكز في ذلك العهد كانت منوطة بنابوليون، ولم يكن نابوليون سوى مختلس في نظر أسرة لامرتين الأريستوقراطية.
ما العمل؟ لم يكن بد من التريث إلى أن يحدث انقلاب ما في الجو السياسي. على أنه لم يكن يرجى انقلاب في ذلك العهد؛ لأن نابوليون كان قابضا على زمام فرنسا بيد من حديد، ولم يكن مر على معاهدة تلسيت سوى بضعة أشهر. وهذه المعاهدة التي جرت بين فرنسا وبروسيا وروسيا، كانت قد سلخت عن بروسيا جميع مقاطعاتها البولونية، فلم يجد لامرتين بدا من ملازمته داره، حيث انصرف إلى المطالعة والكتابة.
ومرت الأيام على عزلته، وكان كلما مر عام أحس بالشاعرية تنضج في روحه على مصابيح الشعراء، رفاقه في عزلته. وكان قد التهم التوراة، وهوميروس، وأفلاطون، وشاتوبريان، ومدام ده ستال، وأوسيان، وروسو، وفولتير، وكثيرا من الشعراء والروائيين الإنكليز، والطليان، واللاتين كفرجيل، ودنتي، وملتون، وأوفيد، وشكسبير وغيرهم. أما الشعراء الألمان فقد أحب منهم غوتي، وتأثر بفرتر التي قرأها مرارا عديدة إلى درجة أنه أوشك أن ينتحر تمثلا ببطلها.
अज्ञात पृष्ठ