وسمعت صوته الضحل القبيح يقول: كسبت اليوم صفقة جديدة، استأصلت المصران الأعور بمائة جنيه. - كنت تجري هذه العملية بخمسين جنيها فقط؛ لماذا ضاعفت الثمن؟ - كان المصران غليظا.
نظرت إليه، فرأيت له أنفا منخفضا قصيرا يوحي إلي بأنه منحط، وشفتين رفيعتين مقوستين إلى أعلى كحاجبي امرأة رخيصة، وعينين قاسيتين مرجوجتين يرتج صفارهما الباهت الصغير في البياض الكبير كما يرتج الصفار داخل البيضة العفنة.
لماذا لم أصدق قلبي؟
قلبي صادق أمين رفيع، وعقلي حقير خسيس وضيع، ورشقت عقلي بنظرة احتقار بالغة وهو يحتمي مني داخل جمجمته الضيقة المظلمة يجتز انتصاره القبيح البشع؛ ولكن لا تظن أنك انتصرت، لا تظن أنك تربعت على عرشي.
سأهوي بك إلى أسفل! •••
تعمدت أن أذل عقلي، فتركت كل شيء، تركت القصر والسيارة، تركت المائدة الشهية والفراش الوثير، تركت حتى ملابسي وأحذيتي ونقودي وأوراقي وبطاقتي العائلية.
وقال لي بصوته الجشع: إلى أين؟ - إلى بيتي. - وهذا؟ - ليس بيتي. - ماذا حدث لعقلك؟ - عزلته. •••
عيناي مفتوحتان لا تريان، والظلام كثيف ومخيف، والطريق ضيق حار، وأنفاسي بطيئة مخنوقة، وجسدي ثقيل مشلول، أيمكن أن تكون هناك تعاسة أكثر من هذه التعاسة؟
حين يفقد المرء بصره مع أن له عينين، حين يشتد الظلام في وسط النهار؟
وأنا أسير كالتائهة، أبحث عن شيء عزيز غال في أغوار نفسي، أحاول أن أعثر عليه لأعيده إلى عرشه، ولأتبعه وأتبعه وأتبعه، ولأحزن، ولأشقى، ولأفلس، ولأجوع، ولكن سيكون هناك شيء ما يواسيني، شيء ما يبعث في الأمل، يصنع طيفا من السعادة يلون صفحة الحياة أمامي بالرغم من كل شيء، يجعل الابتسامة الطبيعية سهلة على شفتي، يشعل الضوء في عيني، يجعل إيماني بوجودي وحياتي لا يتزعزع، لا يموت.
अज्ञात पृष्ठ