كان يتحدث عن التجارة، وعن العرض والطلب، وكيف يصطاد الزبون ليعطيه أبخس شيء بأغلى ثمن، ويسمي ذلك فنا وذكاء. •••
أحسست بقلبي يغلي بين ضلوعي اشمئزازا منه؛ لكن عقلي كان يبادر فيذكرني بجاهه وماله ونجاحه .
فلأروض قلبي على احترام فن التجارة.
جلست إلى جواره في عربته الوثيرة الناعمة، وأغمضت عيني لأغيب مع أحلام عقلي.
ما أجمل الثراء! ما أمتع أن أركب عربة فاخرة فارهة كالطائرة تسبح بي في شوارع القاهرة! ... بل ما أمتع أن أمتلك هذه العربة وأمتلك صاحبها أيضا!
وتقزز قلبي من أحلام عقلي.
أنا؟ أنا أفكر في الامتلاك؟ في الأخذ؟ أنا التي كنت أعطي وأعطي، وكانت سعادتي هي أن أعطي وأعطي؟
ولكن ماذا فعل لي العطاء؟
كنت أحزن، وأشقى، وأفلس، وأجوع، فلأجرب الأخذ هذه المرة، ولأعلم نفسي أن تأخذ وتأخذ. •••
رأيته يقترب مني وينظر إلي بعينيه المرجوجتين المائعتين، وأمسك يدي في يديه، فانتفض قلبي حانقا غاضبا؛ لكن عقلي تصدى له زاجرا ناهرا، فسكت.
अज्ञात पृष्ठ