حاتعرف لزومه حالا. شايف الشنطة دي؟ دي كنت باسرح بيها على باب الله، أصلح كنب وكراسي. وفكرك أنا ابتديت كده. عارف أنا ابتديت أشتغل من إمتى؟
سعد :
يا بابا.
نصار :
ابتديت وأنا عندي تسع سنين. وبكتير؟ بتلاتة تعريفة ف اليوم. أي وحياة الحسين والطاهرة بتلاتة تعريفة ف اليوم. كنت عايش بهم أنا وأمي. وتعرف علشان أوصل لصاحب ورشة كان لازم أعمل إيه؟ كان لازم أتعشى شهور بعيش حاف، وأبات أنا وأمك ليالي في الضلمة، وما اشتريش الجزمة إلا مستعملة وكل خمس سنين، وأفضل أمشي حافي وأشيلها تحت باطي عشان نعلها ما يدوبش. علشان أبقى صاحب ورشة كان لازم أدوس على كرامتي كتير، وأصهين كتير، وأتلزق على قفايا ما تعدش، وأسمع شتيمتي بوداني وأسكت، ويتلعن أبويا قول ألف مرة ف اليوم، علشان أبقى صاحب ورشة اتغربت وسافرت واشتغلت مع خواجات ويهود ونماردة، وشلت غارات إسكندرية كلها على دماغي، وأسرني الطلاينة في طرابلس مرة، وتهت ف الصحراء أربعين يوم وأكتر من كده حاجات لو تعرفها يقف لها شعر راسك. وعملت دا كله ليه؟ عشان أبقى صاحب ورشة. وأبقى صاحب ورشة ليه؟ علشان ما تشوفوش انتم اللي أنا شفته. علشان ما تعيشوش فقرا. الفقر انت يا بني ما تعرفوش. ما تعرفوش يعني إيه الواحد لما يبقى فقير، ما وقعتشي الدبانة ف الطبق اللي قدامك مرة واضطريت تشيلها وتغمس مطرحها، ما كلتش العيش المخشب ولا الحاف ولا المعفن، ولا كانتشي غدوتك كلها أبدا عبارة عن حصوة ملح، ما قملتش، ما حستشي مرة أبدا إن ريحتك طالعة وإنك قرفان من نفسك، ما احتاجتش الشيء ومالقتوش، ماعشتش أمي لا تعرف تقرا ولا تكتب وكل ما تشوف كلام مكتوب تحس إنك تور، وإن اللي بيقروا بس هم اللي بني آدمين، عارف؟ مقدر لما الواحد يحس إنه تور بجد، وإن كل الباقيين بني آدمين؟ مقدر دي؟ ما تعرفشي انت الفقر يا بني وكان لازم ما تعرفوش، وعلشان كده أنا تعبت واتعذبت واتغربت وشقيت عشان أضمن إنكم مش حاتشوفوا اللي شفته.
سعد :
يا بابا فاهم. بس دي حاجة واللي احنا فيه حاجة تانية.
نصار :
مستعجل على إيه؟ جايلك أهه في اللي احنا فيه وجاوبني. تقدر تقول لي، أديني كافحت العمر الطويل دا كله، وثروتي النهارده إيه؟
سعد :
अज्ञात पृष्ठ