فلما سمعت الأميرة هذا الكلام، وكان قد دخلها من الفتى ما داخل الفتى منها؛ أقبلت نحوه صامتة وعيناها تتكلمان، فنظرت إليه نظرة لا يقوى على مثلها جنان، ولئن أطاقها فؤاده فلأنه من حديد أو صوان.
ثم قالت مجيبة بأعذب بيان:
أنت الجميل المفتدى
والبطل الدواس
وأنت لي من الردى
وم الخنا لباس
فلست أنساها يدا
أسديت يا حماس
قال: وهل تعرفين اسمي يا منية حماس؟ قالت: عرفته منذ النهار؛ إذ أنت تحت الصخرة تنشد نشيدك تدعو كلكاس للنزول، قال: لقد ذكرتنيه فأين هو؟ قالت لا ينل كلكاس منك أذى؛ فإنه بالكرامة أحق يا مولاي، ثم إنهما برحا الحجرة ففتشا عن كلكاس، فلم يجدا له أثرا في الصخرة، وكان الحبل مدلى لا يزال، فعلما أنه نزل وفر على عجل، فالتفت حماس عندئذ إلى الأميرة، وقال: لم يبق إلا أن نحذو حذوه فننزل نحن أيضا، قالت: الأمر لبطل الصخرة الملساء.
فمسك حماس الحبل بيمناه وجعل اليسرى سند لادياس، ثم نزل متئدا محترسا، كمن ينزل بحمل من زجاج، حتى مس الأرض، فاستقر به وبالأميرة النزول، وأول ما نقلت لادياس القدم تعثرت في جسم اللين والصلب، فذعرت لأول وهلة وارتدت مجفلة، فدعاها حماس لتطمئن قلبا، وأعلمها أن تلك جثة شقي من الأشقياء، فدنت حينئذ منها وتأملتها فعرفت القتيل، فرفعت عينها نحو السماء مبتهلة للعناية، ثم قالت ما معناه:
अज्ञात पृष्ठ