وضعوه عند المدخل وانصرفوا؛ لم يعد الضباط قادرين على تحمل ردود أفعال الآباء. وضعوه في مدخل البيت وانصرفوا كاللصوص. في تلك الأثناء كانت الأم تكتب له رسالة، ذهبت لتفتح الباب، رأت التابوت فعرفت كل شيء، لكنها عادت لتكمل رسالتها:
ولدي الحبيب، طالعت رسالتك الأخيرة وسررت بها كثيرا، لقد تحسنت لغتك كثيرا، ثمة أخطاء بسيطة في الصياغة: لفظة «باعتقادي» بادئة، بينما تركيب «بما أن» معقد، وفي جملة «سأفعل كما قال أبي» يجب وضع فاصلة، وفي الجملة الثانية «باعتقادي أنكما لن تشعرا بالخجل بسببي» يجب وضع فاصلة أيضا. لا تنزعج من تصويبات أمك، تعرفني لا أطيق الأخطاء الإملائية. الجو حار عندك، حاول ألا تصاب بالبرد! أنت غالبا ما تصاب بالبرد حتى في الجو القائظ!
1
وضعت الأم رسالتها في مظروف واتجهت إلى المقبرة، لم تذرف الدموع، وعندما عادت من المقبرة فتحت المظروف وأضافت ملاحظة: «لو عدت لي سالما يمكنك أن تقترف ما تشاء من الأخطاء، لن أكلفك بواجب، وسأمحو من ذاكرتك كل ما علمتك عن التضحية وحب الوطن.»
وضعت معلمة اللغة العربية الرسالة في مظروف جديد، وانطلقت إلى البريد.
وفي رسائلها التالية أصبحت تقترف الكثير من الأخطاء.
كانوا يحدقون في الجدران طويلا
يذهبون فتية إلى الحرب؛ طمعا في الميداليات، وكأن الحرب مسابقة للجري، الرابح فيها من تصل جثته أولا! يعودون في توابيت، وعلى جدران البيت يعلق الآباء ميداليات الشجاعة. كلما نظروا إلى ساعة الحائط تصطدم أعينهم بها، كأن كل حائط قبر عليه جثة معلقة. - «انظري، لقد فاز ابننا بميدالية.» يقول الأب. - «لكنه لم يرها.» ترد الأم.
معجزة كل يوم
مذ علمت بمقتله وغلاية الشاي تصدر صفيرا إلى أن يتبخر الماء. لكي تشرب الشاي من جديد عليها أن تفقد ذاكرتها أو أن تحدث معجزة؛ فيعودان لشرب الشاي معا كما كانا يفعلان من قبل. «تحدث المعجزة كل يوم،
अज्ञात पृष्ठ