Kunashat Al Nawader
كناشة النوادر
प्रकाशक
مكتبه الخانجى
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م
शैलियों
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
عشنا دهرا في زمان قوامه الصراع الدائم بين الدعوة الحقة والدعوات المتطرفة الي كل مايثير الأحرارمن نبذ للعروبة والعربية ودعوة عارمة الي الشعوبية والي العامية بلغت ذروتها في اصدار بعض الصحف السيارة في مصرنا العزيزة باللغة العامية وهو واقع سجله التاريخ ولا تزال آثاره باقية في سجل لا يستطاع محوه من صحيفة معروفة متداولة مجني عليها وكان هذا امرا محزنا حقا.
وعشنا كذلك في زمان دعا فيه بعض الأفراد ممن اضطرتهم الظروف ان يعدلوا مسارهم من الإلحاد الظاهر الي الكتابة في مجال الايمان بل في مجال التصوف وتمجيد الإسلام وابطال الإسلام ويقولون: عفا الله عما سلف والله اعلم بما صنعوا!
كان هذا قدرنا وهذا عصرنا الذي اظلتنا ظلاله القاتمة السود وكانت فتنة هزمها الحق وقوض دعائمها الهشة تقويضا واتي الله بنيانهم من القواعد وكانت نفوسنا الشابة حينئذ تأسي لهؤلاء القوم الين بغوا وابتغوا ان تنتكس الراية وتنتصر دعوة سادتهم اعداء العروبة والدين من صغار المستشرقين ومغرضيهم.
وحاولوا تشويه اللغة بل وأدها بإشاعة العامية اشاعة عامة ونزلوا في دعوتهم نزولا مبتزلا بمحاولتهم الطعن في الكتابة العربية ودعوتهم الي الكتابة بالحروف اللاتينية ثم عدلوا بعد هزيمتهم في ذلك وشمروا عن سواعدهم مرة اخري زاعمين انهم يصلحون عيوبها - فيما تزعم عيونهم
1 / 3
المريضة - بتطوير الكتابة العربية والرسم العربي وافتنوا في ذلك فنونا هزيلة هازلة باعتصار رءوسهم الدليلة لتبتدع حروفا جديدة للطباعة ولصندوق الحروف الطباعية وللرسم العربي والإملاء العربي فباءوا بخزي بالغ وكاد نباحهم البغيض ان يختفي من الوجود ولم يستطيعوا ان يحققوا مأرب سادتهم الذين ارادوا في خدعة خفيت علي عبيدهم وهي ظاهرة واضحة لنا ان يقطعوا الصلة بيننا وبين تراثنا العربي بمختلف مقوماته التاريخية والدينية واللغوية والأدبية.
وخلقنا الله احرارا فلم نقع في اسرهم ولا نالت ايدهم ورماحهم مما وطنا انفسنا عليه من حفاظ علي مقوماتنا الخالدة فكان اتجاهنا قديما - نحن الشبان الأحرار - كاتجاه الشعوب العريقة ان نحترم تراثنا احتراما لنبني عليه حاضرا تحفه السلامة والقوة والعزة والكرامة وكان النصر لنا.
من هنا كان حرصنا علي هذا التراث العربي الذي هو مفخرة الدنيا بين السوالف التراث في كل الدني.
واكبنا التطور العالمي في مختلف زواياه المعاصرة لم نتخلف عنه وفي ايماننا وقلوبنا تراثنا نحرص عليه حرص الشحيح علي ماله وبدأنا نجلوه علي ضوء العصر في امانة ونكشف الكنوز منه كنزا اثر كنز فاذا العرب والأسلاف والفكر العربي في الذري واذا امس واليوم قرنان متقاربان ومن يشابه ابه فما ظلم.
وكانت: كناشة النوادر التي اقدم اليوم طاقة منها جزءا من تلك الصورة المشرقة للتفكير العربي العزيز واالحضارة الإسلامية الفارعة وتحفة لمن يؤمن بتراثه وهاديا لم ضل به الطريق عن الإيمان بمعدنه الأصيل وسالفه المضئ والحمد لله علي ما انعم
عبد السلام محمد هارون
غرة ربيع الثانى ١٤٠٥ هـ
٢٣من ديسمبر ١٩٨٤ م
1 / 4
من كناشة النوادر
تراثنا العربي زاخر بأنواع شتي من المعارف بها جلاء لكثير من غوامض العلم كما انه مشحون بالطرائف وغذاء الذهن والروح واللسان ايضا.
وقد كان من سوالف الأقضية ان اقيد تلك الشوارد ما استطعت الي ذلك سبيلا فإن الحكيم العربي كان يقول وقوله الحق: العلم صيد والكتابة قيد.
واذا ضاع القيد ذهب الصيد.
وكثيرا ما يقرأ الإنسان شيئا فيعجبه ويظن انه قد علق بذاكرته فإذا هو في الغد قد ضاع منه العلم وضاع معه مفتاحه فانتهي الي حيرة في استعادته واسترجاعه.
والباحثون ولاسيما في ايامنا هذه يقيدون هذه المعارف في جذاذات يرجعون اليها عند الحاجة ولكني سلكت طريقا اوثق من طريق الجذاذات هو دفتر الفهرس وهو الذي سميته: كناشة النوادر.
اقيد فيها رءوس المسائل مرتبة علي حروف الهجاء مقرونة بمراجعها وقد وجدت ان هذه التسمية مع ما فيها من التوليد او التعريب اقرب في الدلالة وادق في التعبير.
1 / 5
ففي القاموس: كناشات بالضم والشد: الأصول التي تتشعب منها الفروع.
وعلق صاحب تاج العروس بقوله: نقله الصاغاني عن ابن عباد.
واذن فهنا اصل عربي يولد منه كناشة الأوراق.
ويعقب عليه صاحب التاج ايضا بقوله: قلت ومنه الكناشة الأوراق تجعل كالدفتر يقيد فيها الفوائد والشوارد للضبط هكذا يستعمله المغاربة واستعمله شيخنا - يعني ابن الطيب الفاسي اللغوي - في حاشيته علي هذا الكتاب كثيرا.
يعني حواشي ابن الطيب علي القاموس اما الخفاجي: في شفاء الغليل.
فيضبطه بلفظ كناش.
بضم الكاف وتخفيف النون بزنة غراب ويقول: انه لفظ سرياني معناه المجموعة والتذكرة وقد وقع هذا اللفظ كثيرا في كلام الحكماء وسموا به بعض كتبهم.
وببحثي في: اخبار العلماء بأخبار الحكماء.
للقفطي المتوفي سنة ٦٤٦ وجدته يذكر الطبيب: يوسف الساهر ويقول: كان طبيبا في ايام المكتفي الخليفة العباسي المتوفي سنة ٢٩٥.
ثم يسرد من تصانيف يوسف الساهر هذا: كتاب الكناش.
وقال انما سمي الساهر لأن سرطانا كان في مقدم رأسه فكان يمنعه النوم فلقب الساهر من جل ذلك.
وقول القفطي: واذا تأمل متأمل كناشة رأي فيه اشياء تدل علي انه كان به هذا المرض.
1 / 6
فهذا من اقدم التسميات كما ان من اقدمها ما عثرت عليه في كشف الظنون من الكناش المنصوري للطبيب المعروف محمد بن زكريا الرازي المتوفي سنة ٣١١ صاحب الحاوي والطب الملوكي الف هذا الكناش للأمير منصور بن اسحاق بن احمد الساماني المتوفي سنة ٣٠٢.
وكذلك كناش اعين بن اعين الطبيب المصري المتوفي سنة ٣٨٥.
واعتقد اني بذلك قد اطلت واستطردت في تعليل تسمية مذكراتي هذه باسم: كناشة النوادر.
ولكني بذلك لم اخرج عن موضوع محاضرتي هذه.
وقد قيدت في هذه الكناشة علي مدي اشتغالي بالبحث والتحقيق زهاء نصف قرن نحو ثلاثة آلف مذكرة هي رءوس مسائل ارجو ان مد لي في اجل الحياة ان انشرها مفصلة علي هذا النحو الذي اشرف بتقديمه.
فمن طريف ما قيدته في هذه الكناشة تفكير اسلافنا القدماء في امور حضارية يزهو بها عصرنا الحاضر ويعدها من مفاخره.
جراحة التجميل:
جاء في ترجمة الصحابي الجليل المقداد بن الأسود الكندي انه كان عظيم البطن وكان له غلام رومي فقال له: اشق بطنك فأخرج شيئا من شحمه حتي تلطف- اي تصير رشيقا - فشق بطنه.
1 / 7
ثم خاطه.
فمات المقداد وهرب الغلام.
ولعل هذا اول تفكير في جراحة البطن للتجميل نسمع به في عالمنا العربي القديم الذي سبق العالم الغربي في كثير من امهات الحضارة.
محو الأمية:
كان العرب حراصا علي ادماج ابنائهم في التعليم ولاسيما حفظ القرآن الكريم بل علي اجبارهم عليه استجابة لأمر الكتاب فاذا افلت احدهم من قيد التعليم صغيرا رد اليه كبيرا.
جاء في جمهرة انساب العرب لابن حزم في ذكر خالد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قوله: وهو الذي امر به يزيد بن عبد الملك ان يحمل الي الكتاب حتي يتعلم القرآن مع الصبيان فمات كمدا.
فهذا سبق عربي في الحرص علي استدراك تعليم من فاته التعليم وفي حرص الولاة علي تعميم التعليم.
تنظيم خدمة العملاء:
يزدحم الناس علي العامل او التاجر فيحدث ذلك اضطرابا او تذمرا او صراعا لا يعالجه الا تنظيم العملاء وهو الذي انتهي الامر فيه في مدنيتنا الحديثة بنظام الصفوف كما وهو واقع الآن في التموين
1 / 8
والمصارف ودور اللهو ونحوها.
فلننظر الي هذا النص من كتاب الحيوان للجاحظ.
وكان اهل المربد يقولون: لا نري الإنصاف الا في حانوت فرج الحجام لأنه كان لا يلتفت الي من اعطاه الكثير دون من اعطاه القليل ويقدم الأول ثم الثاني ثم الثالث ابدا حتي يأتي علي اخرهم علي ذلك يأتيه من يأتيه فكان المؤخر لا يغضب ولا يشكو.
خيال الظل:
وهو الأصل الأول للسينما المعاصرة اذ تتحرك الأشخاص والأشكال خلف ستر وقد سلط عليها الضوء فتبدو صورها متحركة من خلف الستر.
ومن اقدم النصوص التي سجلت فيها هذه الظاهرة قول ابن الجوزي المتوفي سنة ٥٩٧ اي منذ ثمانية قرون: اينا خيال الظل اعظم عبرة لمن كان في اوج الحقيقة راقي شخوص واشكال تمر وتنقضي وتفني جميعا والمحرك باقي.
رايات العرب:
قد نظن ان رايات العرب كانت ساذجة تتميز باختلاف الوانها فحسب والواقع انه كان لمختلف القبائل في اعلامها رموز واشارات
1 / 9
خاصة قال المرزوقي في شرح المفضليات: كانت راية تميم علي صورة العقاب وراية بني اسد علي صورة الأسد.
اعياد الميلاد:
وجدت الاحتفال بها قديما قبل سنة ٢٠٩ وعلي صورة رائعة غير ما نشهده اليوم.
قال المبرد: كان سعيد بن سلم اذا استقبل السنة التي يستقبل فيها عدد سنيه اعتق نسمة وتصدق بعشرة الاف درهم: فقيل لميني: ان سعيد بن سلم يشتري نفسه من ربه بعشرة الاف درهم فقال المديني: اذن لا يبيعه.
وكانت وفاة سعيد بن سلم بن قتيبة الباهلي سنة ٢٠٩ كما في النجوم الزاهرة.
وقد نظن ان الاحتفال بعيد ميلاد المسيح بدعة حديثة وفي الحق انه بدعة قديمة جدا ففي كتاب التحف والهدايا للخالديين:
كتب الحسين بن الضحاك الي احمد بن يوسف الكاتب ليلة عيد الميلاد يستهديه شمعا:
1 / 10
وليلة ميلاد عيسي المسيح قد طالبتني بميثاقها فهذه قدوري علي نارها وفاكهتي ملء اطباقها وبنت الدنان فقد ابرزت من الخدر تجلي لعشاقها فكن مهديا لي فدتك النفوس فجودك ممسك ارماقها نظائر صفرا غدت فتنة بلطف انامل حذاقها ومثل الافاعي اذا الهبت وللروم زرقة احداقها ولم ارمن قبلها انفسا تذيب الجسوم بإحراقها وان مرضت لم يكن برؤها بشئ سوي ضرب اعناقها.
وكانت وفاة احمد بن يوسف الكاتب وزير المأمون سنة ٢١٣.
المرأة:
من اعجب ما وجدته في النصوص القديمة ما ذكره صاحب القامون في مادة حسن انه كان لعبد الملك بن مروان وهو من هو مرجلة تتعهد شعره وترجله ولا يقف صاحب القاموس عند ذلك بل يعين اسمها فيقول: واسمها حسينة.
وهذا مظهر حضاري ليس من السهل ان يدور بخلد احد من الباحثين.
وحسينة ايضا: علم نادر من اعلام النساء لم اجد نظيره الا في حسينة اليسارية صاحبة ابن مياده الشاعر وكانت جميلة منسوبة الي ال يسار من موالي عثمان ﵁ وكانت حسينة هذه عند رجل من قومها يقال له عيسي بن ابراهيم بن يسار وكان ابن ميادة يزورها وفيها يقول
1 / 11
: ستأتينا حسينة شئنا وان رغمت انوف بني يسار.
ودخل عليها زوجها عيسي يوما فوجد ابن ميادة عندها فهم به هو واهلها فقاتلهم ابن ميادة وعاونته عليهم حسينة صاحبته حتي افلت وقال في ذلك: لقد ظلت نعاونني عليهم صموت الحجل كاظمة السوار وقد غادرت عيسي وهو كلب يقطع سلحه خلف الجدار.
اضخم مسيرة للنساء:
كانت وفاة الإمام العظيم احمد بن حنبل في بغداد سنة ٢٤١ مثار حزن واسي في ربوع بغداد ووقع المأتم والنوح في اربعة اصناف من الناس: المسلمين واليهود والنصاري والمجوس كما يقول البغدادي في تاريخ بغداد: ويروي بسنده الي بنان بن احمد القصباني انه حضر جنازة احمد بن حنبل مع من حضر قال: فكانت الصفوف من الميدان الي قنطرة ربع القطعية وحزر من حضرها من الرجال ثمانمائة الف ومن النساء ستين الف امرأة فأي ضخامة هذه واي حضارة تلك واي تنسيق واي نظام؟؟
1 / 12
نص نادر في النساء: اورد البخاري في كتاب المغازي في غزوة الطائف ان ام سلمة ﵂ قالت:
دخل علي النبي - صلي الله عليه وسلم - وعندي مخنث فسمعه يقول لعبد الله بن امية: يا عبد الله أرأيت ان فتح الله عليكم الطائف فعليك بابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان وقال النبي صلي الله عليه وسلم: لا يدخلن هؤلاء عليكم.
والذي يعنينا في هذا النص هو تفسير تقبل بأربع وتدير بثمان.
ما الأربع وما الثماني؟ وكثيرا ما سئلت عن هذا التأويل وقد اورده ابن حجر في فتح الباري وقال معناه انها تقبل بأربع من العكن والعكنة بضم العين: ما انطوي وتثني من لحم البطن سمنا واما ادبارها بالثماني فلأن اطراف العكن الأربع التي في بطنها تظهر ثمانية في جنبيها اربعة عن يمين واربعة عن الشمال.
وقد عثرت علي رواية اخري في اللسان ستت: فإنها تمشي علي ست اذا اقبلت وعلي اربع اذا ادبرت.
يعني بالست يديها وثدييها ورجليها اي انها لعظم ثدييها ويديها كأنها تمشي مكبة والأربع رجلاها واليتاها وانهما كادتا تمسان الأرض لعظمهما.
1 / 13
تأصيل بهض الكلمات:
١- البلاط بمعني قصر الملك او الخليفة.
كثيرا ما كنا نقرأ تشريفات البلاط اخبار البلاط البلاط الملكي والمعروف في اللغة ان البلاط كسحاب: الأرض المستوية الملساء وهو ايضا الحجارة التي تفرش في الدار.
وهو كذلك كل ارض فرشت بالحجارة او بالآجر وفي اللغة ايضا ان البلاط اسم لعدة مواضع وقري منها بلاط مدينة الرسول الكريم بين المسجد والسوق وهو موضع مبلط فالكلمة عربية قديمة كما ان استعمالها بمعني القصر القديم جدا كذلك وجدته عن المسعودي المتوفي سنة ٣٤٥ عند الكلام علي انتزاع نقفور الملك من ريني امرأة اليونه ابن قسطنطين في سنة ١٨٧ وهي في بلاط بنته بالقسطنطينة يقول المسعودي: والبلاط القصر وفي هذا البلاط ميناء عليه سلسلة فيه ينزل رسل العرب اذا قدموا للفداء.
وجاء في المعجم الوسيط ان البلاط قصر الحاكم وحاشيته وذكر ان الكلمة معربة والقول بأنها معربة مع انها عربية اللفظ وعربية الاستعمال امر يحتاج الي تصحيح.
فقد ورد في تسمية المواضع العربية بيت البلاط من قري دمشق بالغوطة وكذلك البلاط: قرية بحلب يقول فيها الشاعر: لولا رجاؤك مازرنا البلاط ولا كان البلاط لنا اهلا ولا سكنا
1 / 14
ودار البلاط موضع بالقسطنطينة كان سيف الدولة يحبس فيه الأسراء وقد ذكره المتنبي في شعره كما ذكره ابو العباس الصفري شاعر سيف الدولة وكان محبوسا فضربه مثلا وقال: اراني في حبسي مقيما كأنني ولم اغز في دار البلاط مقيم.
ومابالنا نذهب بعيدا وشاعرنا الجاهلي ابو داود الإيادي بذكر البلاط بمعني القصر المشيد في قوله:
واري الموت قد تدلي من الحضر علي رب اهله الساطرون صرعته الأيام من بعد ملك ونعيم وجوهر مكنون ولقد كان في كتائب خضر وبلاط يشاد بالآجرون.
البوري ضرب من السمك:
وهي تسمية من السمك شائعة في مصر وقد يظن بعضهم انها تسمية حديثة حتي ذهب كثير الي انها نسبة الي بورسعيد وانما هي تسمية قديمة جدا يرجع العهد بها الي ما قبل زمن ياقوت بن عبد الله الحموي المتوفي سنة ٦٢٦ قال في المعجم البلدان: بورة: مدينة علي ساحل بحر مصر قرب دمياط تنسب اليها العمائم البورية والسمك البوري ومنها محمد بن عمر بن حفص البوري.
الشوربة والشوربجي:
الشوربة هي بالعربية الحساء او المرق ولا علاقة لها بمادة شرب العربية
1 / 15
جاء في الفتح الوهبي وهو شرح لتاريخ ابي نصر العتبي عند مجاعة وقعت بنيسابور سنة ٤٠١: الشورباجه فارسي معرب بمعني المرق: وانشد قول ابي محمد الزوزني: والباب اغلقه عليك موثقا منه رتاجه لا يتقتضيك الجائعون فيطبخونك شورباجه.
وفي معجم استينجاس ان شورباج تعريب للفارسة القديمة شوربا ومن طرق التعريب عند العرب زيادة الجيم في نهاية الكلمات المعربة كمال قالوا في موزة بمعني الخف موزج وفي نشاسته بمعني النشا: نشاستج وفي بنفشه لتلك الزهرة بنفسج وفي نبهره بمعني الباطل بهرج وفي ديبا لضرب من الحرير ديباج.
اما الشوربجي فهي نسبة تركية الي الي شوربا لصانعها او القيم عليها.
والمعجم الوسيط يجعل الشربة عربية مولدة اذ قال الشربة الحمرة في الوجه ومقدار مايروي من الماء والحساء مولد والحق انها في استعمالها بمعني الحساء معربة تعربيا حديثا مأخوذة من التركية الآخذة من الفارسية. وعربيتها: المرق والحساء.
1 / 16
الفذلكة:
في القاموس: فذلك حسابه انهاه وفرغ منه مخترعة من قوله اذا اجمل حسابه: فذلك كذا وكذا.
وهذا اشارة الي ان الكلمة منحوته.
ومرجع صاحب القاموس هو نص الصاغاني المتوفي سنة ٦٥٠ في التكملة ٥: ٢٢٧ وبعده في التكملة: وهذه الكلمة مثل فهرس الأبواب فهرسة الا ان فذلك ضارب بعرق في العربية.
وصاحب القاموس والصاغاني كلاهما لم ينص علي الفذلكة وان كان مفهوما انها جملة الحساب والعدد.
وذكر المعجم الوسيط الفذلكة وفسرها بأنها مجمل ما فصل وخلاصته وقرنها بعبارة محدثة مع ان الكلمة مولدة توليدا قديما جدا فقد وجدتها في الفهرست لابن النديم بمعني نهاية التأليف وحصيلته قال في ترجمة ابي عمر الزاهد المتوفي سنة ٣٤٥: ثم جمع الناس علي قراءة ابي اسحاق الطبري وسمي هذه القراءة الفذلكة.
وكانت وفاة ابن النديم ايضا سنة ٣٨٥ فالكلمة عمرها اكثر من الف سنة وليست محدثة كما ذكر المعجم الوسيط.
1 / 17
كلمة الصابون:
في المعجم الوسيط ان الصابون الذي تغسل به الثياب والأبدان ونحوها كلمة دخيلة وفي القول بأنها دخيلة نظر فصنيع صاحب القاموس يفهم منه ان الكلمة عربية اذ يقول: والصابون معروف حار يابس مفرح للجسد.
وصاحب شفاء الغليل لم يذكره في قليل او كثير وهو ايحاء بأنه عربي.
اما الجواليقي في المعرب فقال انه اعجمي يعني انه معرب وهو في ذلك موافق لابن دريد ٣٢١ الذي قال في الجمهرة: فأما طالوت وجالوت وصابون فليس بكلام عربي فلا تلتفت اليه وان كان طالوت وجالوت في التنزيل فهما اسمان اعجميان وكذلك داود.
وقال صاحب اللسان: والصابون الذي تغسل به الثياب معروف قال ابن دريد: ليس من كلام العرب.
وجاء الأزهري بعد ابن دريد بنحو نصف قرن فذكر انه معرب وكان الصابون معروفا زمان ابن قتيبة المولود سنة ٣١٢ يقول في كتابه المعارف: واول من عمل الصابون سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام.
1 / 18
فكيف يقال في كلمة مثل هذه انها دخلية؟ لعل اقل ما توصف به انها معربة ومعربة تعريبا قديما أصيلا.
ولقد أنصفها العلامة ابن الطيب الفاسي شيخ صاحب تاج العروس إنصافا بينا قال صاحب تاج العروس: قال شيخنا - يعني ابن الطيب -: هو مما توافقت فيه جميع الألسنة العربية والفارسية والتركية وغيرها.
ولقد ذهب استينجاس في معجمة ٧٧٧ الي ان الكلمة في الفارسية مأخوذة من العربية ورمز لها بالرمز A
في مجال التعبير:
كثيرا ما يحار المرء في اختيار اللفظ او العبارة ليعرب عما في نفسه.
١- مثال ذلك ان يريد البكاء علي عزيز فلا تجيبه عينه ولا دمعته وقد وجدت في اللسان: الليث: التغبيض: ان يريد الإنسان البكاء فلا تجيبه العين: قال ابو منصور: وهذا حرف لم اجده لغيره.
ونحوه في القاموس.
٢- ويريد ان يعبر عن من يسخر به فيستعمل حركة معينة كأن يحرك له انفه ويقبضها.
وقد وجدت العرب قد عبروا عن هذا المعني الدقيق المشاهد في كل يوم ففي اللسان: ابن الأعرابي: كنص اذا حرك انفه استهزاء ويقال كنص في وجه فلان اذا استهزأ به.
ونحوه في القاموس.
٣- ويريد ان يعبر عن الوحدة من العظم بلفظ العظمة فيزجره
1 / 19
علماء اللغة المعاصرون ويأخذونه بأن يقول: عظم للجمع وللواحد ايضا ان اراد.
وقد وجدت في تهذيب الأزهري في مادة سهم نقلا عن النضر ابن شميل تلميذ الخليل وكان ممن اقام بالبادية دهرا طويلا مقداره اربعون سنة وجدت هذا النص في مجال الكلام علي سهام العرب: والمريخ: الذي علي رأسه العظيمة يرمي بها اهل البصرة بين الهدفين.
ونقل هذا النص عنه صاحب اللسان ولا ريب ان لفظ: العظمية مصغر عن مؤنث هو العظمة فتكون العظمة واحدة للعظم.
٤- ويتردد في ذكر ايام العرب ومغازيها في التعبير عن قلة بأنهم: اكلة جزور.
وقد حدث هذا في غزوة بدر الكبري حين قال ابو جهل لجماعة قريش: ان محمد واصحابه اكلة جزور.
وهي عبارة تحتاج الي تفسير لم تذكره المعاجم وليس اعلي واوثق من تفسير الرسول الكريم لها حين سأل الغلامين اللذين وجدا علي الماء قال لهما: كم القوم؟ قالا: لاندري.
قال: كم ينحرون كل يوم؟ قالا: يوما تسعا ويوما عشرا.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القوم فيما بين التسعمائة والألف.
وتفسيره ان اكلة الجزور يكونون مائة عدا
1 / 20
٥- وكثيرا ما نسمع هذا القول في التعبير عن هوان الرجل الكريم في بلده: ليس لنبي كرامة في وطنه.
ونظنه حكمة حديثة او نرجعه الي عصور الإسلام الأولي علي اكثر تقدير.
والحق انه اقدم من ذلك بكثير عثرت عليه في انجيل يوحنا ونصه: وبعد اليومين خرج من هناك ومضي الي الجليل لأن يسوع نفسه شهد انه ليس لنبي كرامة في وطنه.
وفي ظل هذا المعني يقول المتنبي فيما قال في صباه: انا في امة تداركها الله غريب كصالح في ثمود.
وهو مسبوق في هذا بقول ابي تمام: كان الخليفة يوم ذلك صالحا فيهم وكان المشركون ثمودا.
من نوادر التسمية:
لأهل المغرب والأندلس بعض تسميات لا تجري علي المألوف فنجد من اسمائهم: حمود ومنهم بنوحمود الأندلسيون المنتمون الي حمود بن ميمون بن احمد بن علي وكان جدهم احمد بن علي هذا يسمي حمودا ايضا كما في جمهرة ابن حزم.
ومن اسمائهم ايضا عبود وحمود وعبود تسميتان عربيتان فصيحتان وممن ضرب المثل به من العرب عبود قالوا فيه: انوم من عبود وكان عبدا حطابا اسود فغبر في محتطبه اسبوعا لم ينم ثم
1 / 21
انصرف فبقي اسبوعا نائما فضرب المثل به لمن ثقل نومه.
واذن فليس الأمر غرابة التسمية فحسب ولكني وجدت نصا لأبي حيان الأندلسي في كتابه النضار الذي ذكر فيه اول حاله واشتغاله ورحلته وشيوخه يقول فيه: وهم يسمون عبد الله عبودا ومحمدا حمودا ذكر هذا النص السيوطي في البغية.
ونستطيع من نص ابن حزم السابق ان نقول: انهم يسمون محمد ايضا حمودا كما سموا احمد حمودا فكأن هذه الصيغة عندهم تسمية تدليل كما هو الشائع في التسمية في وقتنا هذا.
واهل المغرب والأندلس يتسمون يزيدون وحمدون وفتحون ورحمون وحسنون وحفصون وسمحون.
وتعليل هذه التسمية قد يرجع الي ارادة التفخيم بصيغة كصغية الجمع او هو مطل اي في الإعراب مع التنوين وتعرب هذه الأسماء اعراب الممنوع من الصرف وفي الأشموني ان ابا علي يمنع صرفها للعلمية والعجمة ويري ان حمدون وشبهه من الأعلام المزيد في اخرها واو بعد ضمه ونون لغير جمعية لا يوجد في استعمال عربي مجبول علي العربية بل في استعمال عجمي حقيقة او حكما فألحق بما منع صرفه للتعريف والعجمة المحضة وهذا ايضا من النصوص النحوية النادرة.
وفيما يتعلق بالكني والألقاب قال ابو حيان في تفسيره عند قوله تعالي: ولا تنابزوا بالألقاب.
قال:
1 / 22