الإغريقية) أكثر من وزنها، كما كانت الطريقة المعتادة في ذلك الوقت (ووكر وهيجز 2001: 178، رقم 183-185). يشير قرار الملكة هذا، إلى جانب تقليل نسبة الفضة المستخدمة في العملات الفضية، إلى سياسة مدروسة للتحكم في سك العملات السكندري، وسنتحدث عن تبعات هذه السياسة بمزيد من التفصيل في الفصل السابع. ربما يمكننا تقسيم العملات في مجموعات ثم ترتيبها نسبيا حسب تطور نوع صورة كليوباترا على أحد وجهي العملة، مع وضع الصور المبالغ فيها بالقرب من الفترة التي كانت الملكة تسك فيها عملات عليها صورتها مع مارك أنطونيو. تشير مقارنة الأمثلة التي ذكرها كل من ووكر وهيجز (2001: 177 رقم 180-182) إلى حدوث تطور على مدار فترة حكمها التي امتدت أكثر من 21 عاما، فيوجد نوعان مميزان من الصور التي تظهر على العملات التي ضربت في الإسكندرية (ووكر 2003ب: 508-509): يظهر النوع الأول صورة مثالية (ووكر 2003ب: شكل 1أ)، أما النوع الآخر فيقترب من صور أسلاف كليوباترا خاصة والدها (ووكر 2003ب: شكل 1ب). يظهر النوعان الملكة بصفتها حاكمة كما يتضح من الإكليل الملكي بدلا من التاج المقدس. ومع ذلك، يقال إن هذا النوع من الصور، الذي يشار إليه دوما على أنه «واقعي» بسبب الأنف والذقن الناتئين، كان المقصود به الإشارة ضمنيا إلى يوليوس قيصر ويحاكي شكل الصور في الجمهورية الرومانية (سبير 1999: 347-350؛ ووكر 2003ب: 508-509). لم يكن أي من شكلي الصور مقتصرا فقط على الإسكندرية؛ وقد ساعدت أمثلة العملات الأجنبية كثيرا في فهم تطورها التاريخي. (13) كليوباترا: الوصية على العرش
نادرا ما يذكر بطليموس الخامس عشر في المصادر الرومانية، فيوجد العديد من الإشارات إلى علاقة كليوباترا بيوليوس قيصر في قصيدة لوكان «فرساليا» (63-109)، بما في ذلك مولد طفلهما «أخ لجوليا» (90). هذا ويشير كتاب بلوتارخ «يوليوس قيصر» (الفصل 49) إلى أن قيصر ترك كليوباترا على العرش عقب حروب الإسكندرية وذهب إلى سوريا. يقول المؤلف إنه عندما ترك يوليوس قيصر مصر عام 37 قبل الميلاد كانت كليوباترا حاملا في شهرها السابع (القيصر 49. 10)، وأنه «بعد فترة وجيزة أنجبت ابنا منه أطلق عليه أهالي الإسكندرية اسم قيصرون» (جونز 2006: 58). كذلك يذكر بلوتارخ أن بطليموس الخامس عشر كان ابن القيصر في روايته عن عطايا الإسكندرية («حياة أنطونيو» الفصل 54؛ جونز 2006: 116)، وعند الإشارة إلى مصيره في وقت انتحار كليوباترا (جونز 2006: 187).
كتب سويتونيوس («يوليوس قيصر المؤله»، الفصل 52) يقول: إن كليوباترا سمح لها بمناداة ابنها من القيصر باسم قيصر (جونز 2006: 79). يستمر الكاتب معلقا إن «الكثير من الكتاب الإغريق يقولون إنه كان يشبه يوليوس قيصر في كل من شكله وتصرفاته.» أكد مارك أنطونيو لمجلس الشيوخ أن قيصر اعترف بالفعل بالطفل، ومع ذلك قيل إن أحد أصدقاء قيصر، جايوس أوبيوس، نشر كتابا فيما بعد يقول فيه إن بطليموس قيصر ليس ابن القيصر (إدواردز 2000). سنتحدث بمزيد من التفصيل عن مصير بطليموس الخامس عشر في الفصل التاسع.
عقب عودة كليوباترا إلى روما عام 44 قبل الميلاد، لم تضيع الوقت وعزلت أخاها الأصغر وجعلت ابنها بطليموس قيصر هو الحاكم المشترك معها، ومع ذلك لم تظهر أدلة على دور ابنها كحاكم إلا في مرحلة متأخرة من حكمها. يوجد خلاف حول تاريخ مولد بطليموس قيصر؛ فقد ساد الاعتقاد لعدة سنين أن طفل كليوباترا الأول ولد عام 46 قبل الميلاد عقب زيارة يوليوس قيصر الأولى إلى مصر، وأنها حملته في أثناء الوقت الذي قضاه قيصر في مصر بهدف ضمان سلامة هذه الولاية التابعة لدولته. لكن التاريخ الموثوق في صحته سجل في رواية على لوح مكتوب باللغة الديموطيقية من معبد السرابيوم في ممفيس ويوجد حاليا في متحف اللوفر. يؤرخ هذا اللوح ليوم ميلاد قرئ على أنه يشير إلى مولد بطليموس قيصر في 23 يونيو عام 47 قبل الميلاد (هولبل 2001: 238). ومع ذلك أشار مقال مهم نشر عام 2001 إلى أن الاسم المذكور بجوار هذا التاريخ، الذي اعتقد أنه قيصر؛ ومن ثم يشير إلى بطليموس قيصر، لم تكن قراءته صحيحة (ديوفوشيل 2001).
أما عن أطفالها الآخرين الذين أنجبتهم من مارك أنطونيو، وكانوا ثلاثة؛ التوأمين كليوباترا سيليني والإسكندر هيليوس، ثم بطليموس فيلاديلفوس، فيوجد بعض الإشارات إليهم. في كتاب «أغسطس المؤله» (17) يدعي سويتونيوس أن مارك أنطونيو أوصى بأن يرثه أبناؤه من كليوباترا؛ ولهذا السبب؛ أي «لتخليه عن عادات المواطن الروماني»، أعلن عدوا للدولة الرومانية. يصف المؤرخ ديو في الفصل السادس من كتابه «التاريخ الروماني» الاستعدادات التي اتخذها كل من أنطونيو وكليوباترا من أجل تأكيد وضع أطفالهما، ولم يذكر بطليموس قيصر فقط وإنما أيضا أنتيلوس ابن أنطونيو من فولفيا. يقول ديو إن هذين الحاكمين فعلا هذا من أجل «إثارة حماس المصريين، الذين شعروا أخيرا أنه أصبح لديهم ملك رجل، ومن أجل جعل باقي الشعب يواصلون الصراع تحت قيادة هذين الولدين، في حال حدوث أمر غير متوقع لوالديهم.» يشير هذا المؤرخ إلى أن هذا الفعل أدى إلى سقوط الولدين، اللذين رأى أوكتافيان أنهما يمثلان تهديدا له؛ لذا حكم عليهما بالإعدام بمجرد القبض عليهما.
حصل الأمير الصغير على لقب «الإله المحب لوالدته» و«الإله المحب لأبيه» (بينجن 2007: 64). في أثناء السنة السادسة عشرة لوصاية كليوباترا على العرش؛ السنة ال 37 / 36 قبل الميلاد، بدأت الملكة نظام تأريخ مزدوج، فأطلقت على هذا العام السنة الأولى بالتزامن مع عطايا الإسكندرية (بينجن 2007: 57). (14) تماثيل بطليموس الخامس عشر
توجد مجموعتان من التماثيل التي تنسب إلى بطليموس الخامس عشر. الأولى على الطراز المصري مع اقتراض ملامح إغريقية حسب التقليد البطلمي المعتاد، وتتضمن تماثيل مدعومة بالعمود الخلفي المعتاد ومنحوتة من صخر صلب. أما المجموعة الثانية فتنتمي إلى التقليد الإغريقي. تصنع التماثيل في هذه المجموعة من الحجارة المستخدمة في نحت التماثيل المصرية: الجرانيت أو الحجر الصابوني أو الحجر الجيري، لكنها مصنوعة على الطراز الإغريقي بالقاعدة المستطيلة المدببة، ويظهر فيها عادة عضو التمثال الذكري وملحقات على الكتفين. يعرف هذا النوع من التماثيل باسم هيرم؛ لأن النماذج الأولى له كانت تحمل عادة رأس الإله هيرميز في أعلى القاعدة الحجرية وكانت تستخدم في الأصل من أجل وضع علامة على الطرق. تتسم النماذج المقترحة التي تحمل رأس بطليموس قيصر بملامح وشكل على الطراز الإغريقي.
تحمل التماثيل الموجودة في المجموعتين كلتيهما الملامح الشكلية التي تشير إلى أنها تصور أميرا شابا. فجميعها تشترك في ملامح الوجه التي تشبه ملامح التماثيل التي اعتبر أنها تمثل كليوباترا السابعة (أشتون 2003د: 26-30). تشبه تماثيل بطليموس قيصر النوع الذي يشار إليه حاليا على أنه ثنائي اللغة. يرجع هذا إلى تمتعها بالسمات الضرورية التي تحدد كون هذا التمثال لأحد ملوك مصر وتخاطب المشاهد المصري، وبالإضافة إلى ذلك، تظهر سمات الوجه صورة يمكن تمييزها (لكنها ليست واقعية بالضرورة) وفقا للشكل الإغريقي المتعارف عليه؛ ومن ثم، تقدم لنا هذه التماثيل أمثلة على شكل بطليموس الخامس عشر بالنسبة للإغريق؛ فقد عبرت صوره عن الثقافتين كلتيهما وقدمت أيضا رسالة لا شعورية مهمة تتعلق بصلته بمصر، فربما تكون روما قد رفضت الاعتراف به على أنه الوريث الشرعي ليوليوس قيصر، لكن مصر رحبت بهذا الحاكم الشاب مع والدته وبصفته الوريث الشرعي لوالدته.
شكل 4-17: تمثال حورس مع بطليموس الخامس عشر قيصر الشاب في صورة كاهن، معبد حورس في إدفو.
يعرض تمثال يقع بين الفئتين اللتين تحدثنا عنهما آنفا بطليموس قيصر في صورة كاهن في معبد حورس في إدفو (شكل
अज्ञात पृष्ठ