شكل 4-15: مقصورة حتحور في دندرة. (10-3) كلابشة
لفت بيانشي الانتباه في مقاله الصادر عام 2003 ضمن مجلد «إعادة تقييم كليوباترا»، إلى نقشين بارزين آخرين يعتقد أنهما يصوران كليوباترا السابعة. يشير النقش الأول إلى الملكة على نحو خفي إذ يسجل النص المكتوب إهداء من كليوباترا بينما يعرض الإفريز الرمزي والألقاب صورة الإمبراطور أغسطس وأسماءه. يظهر هذا النص على إحدى بوابات المعبد الموجود في كلابشة (بيانشي 2003: 15) ويوجد حاليا في المتحف المصري في برلين. يوجد مكان على النقش البارز لشخصين لكن لا يظهر إلا شخص واحد يتمثل في صورة أغسطس التي تملأ المساحة بأكملها. تشير هذه المساحة إلى أن هذه النقوش قد نحتت في أثناء عصر البطالمة، ويؤكد الكلام المنقوش الذي يشير إلى كليوباترا هوية الحاكمين الأصليين وهما كليوباترا وشركاؤها الذكور في الحكم (بيانشي 2003: 15). إذا كان أعيد نحت هذا النقش وأضيفت إليه صورة أغسطس كما تشير الأدلة، فإن هذا الفعل يختلف عن سياسته المعتادة في وضع صورته بالقرب من صورة الملكة كما حدث في دندرة وقفط. (10-4) أجزاء أخرى من النقوش البارزة
شكل 4-16: خرطوشة كتب عليها اسم «كليوباترا» من مقصورة حتحور في دندرة.
يوجد حاليا جزء من أحد النقوش ضمن مجموعة خاصة يحتوي على كتابة تشير إلى أن الشخصية الملكية الثانية المفقودة كانت أنثى (بيانشي 2003: 15). تنتمي هذه الخرطوشة إلى النوع الذي يوجد في سراديب معبد أرمنت، ويرجع تاريخها إلى حكم بطليموس الثاني عشر. تقول الكتابة الموجودة عليها «البيت الكبير» (وهو الاسم الذي يستخدم للإشارة إلى الفرعون). كانت كليوباترا السابعة الملكة البطلمية الوحيدة التي تظهر وحدها في الصور الموجودة على نقوش المعابد، وكما وضحنا في هذا العرض المختصر ، فإن ظهورها عقب خلافة ابنها بطليموس الخامس عشر قيصر لها، قد زاد في النقوش مع شريكها في الحكم. (11) كليوباترا ملكة هلنستية
لا توجد أدلة كثيرة على أن كليوباترا كانت ترغب في أن تظهر على أنها حاكمة هلنستية في مصر. والاستثناء الوحيد لهذه الملاحظة هو صورتها على العملات وعلى عدد قليل من قطع الرخام، والتماثيل ذات الطابع الإغريقي التي تتخذ شكل صور شخصية ونسبت إليها. ونظرا لأن العملات لم تكن تستخدم عادة في مصر، أفترض أن هذه الوسيلة كانت موجهة إلى جمهور عالمي أو ربما إلى الجيوش التي كانت تحمي الملكة ودولتها. إن استمرار كليوباترا في استخدام اللقب الديني «المحبة لأبيها» يعتبر أحد الأمثلة على الطابع غير المصري، إلا أن الشعائر الدينية لهذه الحاكمة قد اعتنقها بحماس الكهنة والمعابد المصرية في أثناء فترة حكم بطليموس الثاني؛ ومن ثم أصبحت جزءا من الشعائر الدينية القومية لأكثر من 200 عام. ومع ذلك نجد في هذا السياق استمرارا لأحد المفاهيم الإغريقية الأساسية؛ فعلى الرغم من وجود الكثير من الجدل حول أصول الشعائر الدينية الملكية لأسرة البطالمة الحاكمة، فإن حقيقة اشتراك الحكام الهلنستيين المعاصرين مع نظائرهم البطالمة في الألقاب نفسها يشير إلى أن الفكرة كانت موروثة من البلاط المقدوني أو مستوحاة من الإسكندر.
من بين الأبحاث التي عرضت في مؤتمر المتحف البريطاني عام 2003 «إعادة تقييم كليوباترا» (ووكر وأشتون 2003) أشير إلى عدد من الصور الشخصية المحتملة لكليوباترا على النمط الإغريقي الهلنستي. من المهم التأكيد على أن هذه الصور الشخصية على الأرجح لا تقترب من تصوير الشكل الفعلي لكليوباترا أكثر من صورها على الطراز المصري، فيميل مؤرخو الفن إلى تصنيف هذه الصور على أنها «طبيعانية»، وهذا المصطلح هو أحد المصطلحات المضللة الذي يرتبط بافتراضات داخل الثقافة الأوروبية. تتسم الصورة الأولى على الطراز الإغريقي (ووكر وهيجز 2003: 71-74) بأنها أصغر من الصور الأخرى المتعارف عليها من الطراز نفسه؛ فيصل طولها إلى 23 سنتيمترا ولها عنق طويل واضح؛ مما يشير إلى أنها ركبت من قبل على جسد، وربما صنع من مادة مختلفة. لا توجد معلومات مؤكدة عن مصدرها المصري؛ فقد كان الرأس في البداية ضمن مجموعة في متحف جيميه وتوجد حاليا في متحف اللوفر. تتسم خصلات الشعر المميزة التي تتخذ شكل قوقعة الحلزون وتظهر على جبهة التمثال بأنها أكثر التزاما بالنسق الإغريقي من تلك الموجودة في التماثيل الإغريقية الأخرى التي اعتبرت تمثل كليوباترا. لوحظت هذه السمة المميزة لأول مرة في شكل أضفي عليه الطابع القديم لصور كليوباترا الثانية والثالثة ثم تكرر استخدامه في بعض التماثيل على الطراز المصري التي اعتبرت تمثل كليوباترا السابعة (أشتون 2001أ: 47). يبدو شعر الرأس الموجود في متحف اللوفر قد صفف على شكل خصلات عريضة مربوطة للخلف وترتدي الملكة إكليلا، وهي سمة لا توجد في تماثيل الملكة المصممة على الطراز المصري؛ ففي التماثيل المصرية يكون تصفيف الشعر المتموج مصحوبا بتموجات منمقة تكون غرة على جبهتها. لا تظهر على الصورة علامات الشباب مثل الأمثلة الموجودة في روما أو غيرها التي تظهر كليوباترا السابعة أو ابنتها كليوباترا سيليني في مدينة شرشال في الجزائر (ووكر وهيجز 2003: 72).
يبدو أن الرأس الذي نتحدث عنه يظهر سيدة ناضجة، وقد أدى هذا، مع التحليل الأسلوبي، إلى جعل بعض الدارسين يقترحون أن هذه الصورة صنعت بعد وفاتها (كريلايس 1975: 86). يبدو هذا الاقتراح غير محتمل نظرا لأن كليوباترا تبدو في صورة ملكة حية أكثر من إلهة. وإذا كان هذا الرأس يمثل بالفعل هذه الملكة على وجه التحديد فمن المرجح أنه صنع في أثناء حياتها، وقد يقدم بديلا لتماثيلها الشابة التي صنعت في روما (الشكلان
3-14
و
3-15 ). أشير أيضا إلى أن تاريخ هذا التمثال يرجع إلى حكم كليوباترا سيليني بناء على التموجات المصففة على شكل قوقعة حلزون، التي نجد مثيلا لها في صور مومياوات القرن الأول الميلادي، لكن كما أشرنا سابقا يمكننا رؤية هذه السمة أيضا في صور ترجع إلى عهد كليوباترا الثانية والثالثة والسابعة. يتمثل الفرق الأساسي بين الرأس الموجود في متحف اللوفر وصور كليوباترا الثانية والثالثة في أن ملامحها أكثر نضجا لكنها أنثوية؛ فلا توجد أية إشارة إلى الصور ذات المظهر الذكوري التي نجدها في صور كليوباترا الثالثة تحديدا (شكل
अज्ञात पृष्ठ