ولكل امرئ سؤال يتردد بين نفسه وبين السماء؛ فرجل يقول: اللهم هذه القوة فأين الرزق؟ وآخر يقول: وهذا الرزق فأين القوة؟ وثالث يصيح: هذه هي العافية وهذا الرزق فأين السعادة؟ والشيخ علي كأنه يقول: اللهم إنه لم يبق من الإنسانية إلا حشاشة تسوق بنفسها.
4
وكل رجل من هؤلاء صورة مقلدة، فأين الأصل؟
لما ولد هذا الرجل، ولعل الطبيعة يومئذ كانت في صميم الخريف ثائرة مجرودة غبراء،
5
قامت أمه عن نجم منطفئ لا تعرفه الأرض وقد زهدت فيه السماء، فكان رضيعا، ثم فطيما، ثم جحش، ثم ترعرع، ثم صار يافعا، وعاد فتى، وانقلب كهلا ، وهو اليوم يحطم الخمسين
6
وكأنه لم يكن في كل ذلك شيئا، ومتى سويت عليه الأرض لم يترك وراءه إلا سطرا ضئيلا في سجل الموتى،
7
فكأن الخير والشر لم يدركا هذا الرجل، وكأنه روح كتب عليها الحبس في جسمها، فلا تشهد أمرا من ورائه حتى تنطلق، وكأنه حي على رغم الحياة!
अज्ञात पृष्ठ