ألا ترى كيف يقول سبحانه: فلما أتاهما صالحا يعني ولدا ذكرا جعلا له شركا منه فيما أتاهما يريد تبارك وتعالى نصيبا فيما أعطاهما من صالح الولد فجعلاه بينهما وبين التعبد. ألا ترى لقوله سبحانه فيه إذا يسلماه كله إليه، فتعالى الله عما يشركون، يقول فتعالى الله أن يكون هو وهم في شيء من الأشياء مشتركون. كما قال في أهل الجاهلية: وجعلوا لله مما ذرا من الحرث والأنعام نصيبا يعني شريكا، فقالوا: هذا لله بزعمهم، وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون.
وكذلك قال تبارك وتعالى: ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا يعني شركا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون، وليس يتوهم الشرك عليهما بالله إلا من لا علم له فيهما بأمر الله.
وسألته: عن وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم، وذكرت ما قالت به العامة في ذلك من قولهم: وليس ما قالوا به فيه بشيء مما يلتفت إليه لأنهم قالوا: أخذ من ظهر آدم، وقالوا من بني آدم وآدم غير بنيه وظهره غير ظهورهم، وذريته غير ذراريهم، والذراري تكون صغارا وكبارا وأطفالا ورجالا وكل أهل الجاهلية من رجال العرب الذين كانوا يشركون قد أخذوا، ومعنى أخذوا أخرجوا ذرية من ظهور آبائهم من بني آدم لا يشكون وكلهم كانوا شهدو يقر بأن الله ربه، وإن ما يرى من السموات والأرض خلقه فاستشهدهم الله على ربوبيته بما يشهدون، ويما كانوا يقرون به كلهم فلا ينكرون، وفي ذلك يقول سبحانه: ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنا يؤفكون، ولم يقل: سبحانه إنه استشهد على ربوبيته أحدا من الأطفال ولا يكون الاستشهاد والشهادة إلا للرجال، والله أعلم ما يكون وغيره وما كان، ونسأل الله أن يفهمنا ويفهمك عنه البيان.
पृष्ठ 32