بَابُ الْقَوْلِ فِي حُكْمِ مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، وَذِكْرِ الشَّرَائِطِ الَّتِي تُوجِبُ قَبُولَ رِوَايَتِهِ لَا بُدَّ لِمَنْ لَزِمَ قَبُولُ خَبَرِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى صِفَاتٍ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا مُجْمَلًا، وَنَحْنُ نُفَصِّلُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَنَشْرَحُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، فَأَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ وَقْتَ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ وَسَمَاعِهِ مُمَيِّزًا ضَابِطًا، لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَا تَحَمَّلَهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ، وَلَا ذَاكِرٍ لَهُ، وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَالُهُ فِيمَا يُؤَدِّيهِ كَحَالِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَحْكِيهِ، مِنْ أَفْعَالِهِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ فِي حَالِ نَقْصِهِ، وَمَعَ عَدَمِ تَمْيِيزِهِ وَعِلْمِهِ وَبِمَثَابَةِ مَا يَحْكِيهِ الْمَجْنُونُ وَالْمَغْلُوبُ، مِمَّا يُعْرَفُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ حَالَ الْغَلَبَةِ عَلَى عَقْلِهِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ مَا هَذِهِ سَبِيلُهُ لَا يَصِحُّ ذِكْرُهُ وَالْعِلْمُ بِهِ، وَالْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَوَجَبَ لِذَلِكَ كَوْنُ الْمُتَحَمِّلِ وَقْتَ تَحَمُّلِهِ عَالِمًا بِمَا يَسْمَعُهُ، وَاعِيًا ضَابِطًا لَهُ،
1 / 52