97

किफाह तिबा

كفاح طيبة

शैलियों

فأرته في كفيها سلاحا صغيرا لا يزيد طوله عن ظفر، وقالت باطمئنان: انظر؛ هذا خنجر مسموم، إذا خدشت به جلدي سرى سمه في دمي فقضى علي في لحظات ، دسه إلي الرسول في غفلة من رقبائك، فعلمت أن أبي يضع بين يدي ما أقضي به على نفسي إذا مسني الضيم أو تحرش بي إنسان.

فغضب أحمس وعبس وجهه وقال: أهذا هو سر الصندوق؟ .. سحقا لمن يطمئن إلى كلمة خنزير من الرعاة ذوي اللحى القذرة، إن الخيانة تسري في عروقكم مسرى الدم، ولكن أراك تخطئين فهم رسالة أبيك، فقد دس إليك هذا الخنجر لتقضي به علي!

فهزت رأسها كالساخرة وقالت: أنت لا تفهم أبوفيس، إنه يأبى إلا أن أعيش كريمة أو أموت كريمة، أما عدوه فسيقضي عليه بنفسه كما تعود أن يقضي على أعدائه.

فضرب أحمس الأرض بقدمه وقال بحنق شديد: لماذا كل هذا العناء؟ .. فما أزهدني في جارية مثلك أعماها الغرور والكبرياء والطبع الفاسد، لقد توهمتك فيما مضى شيئا ليس فيه من حقيقتك شيء، فسحقا للأوهام جميعا!

وتحول الملك عنها وغادر المخدع، وفي الخارج دعا كبير حراسها وقال له: لتنقل الأسيرة إلى سفينة أخرى تحت الحراسة الشديدة!

وبرح الرجل السفينة ضيق الصدر مكفهر الوجه، وعاد في عجلته إلى المعسكر.

21

وضاق الملك بالسكون فأمر قواده بالتأهب، وفي فجر اليوم الثاني زحف الجيش بجموعه الجرارة وأقلع الأسطول فبلغ بطلمايس في يومين، ولم يظهر حولها أثر للعدو فدخلتها الطلائع في سلام، وتبعها الجيش على الأثر، وأوغلت الطلائع شمالا حتى بانوبوليس آخر بلدان طيبة الشمالية، ودخلتها بلا مقاومة، وزفت البشرى إلى الملك أحمس أن بانوبوليس في أيد مصرية، فصاح أحمس: لقد أجلي الرعاة من مملكة طيبة.

فقال حور: وسيجلون عن مصر قريبا.

وتقدم الجيش نحو بانوبوليس ودخلها مزهوا ظافرا على أنغام الموسيقى الحماسية، ونفخ في الأبواق إعلانا للنصر، ورفعت الأعلام المصرية على سور المدينة، وانتشر الجنود في الأسواق واختلطوا بالأهلين يهتفون وينشدون، وشمل المدينة فرح جنوني خفق في كل صدر وتردد مع كل نفس، وأولم الملك لقواد الجيش والأسطول والحاشية وليمة فاخرة قدمت في ختامها كئوس مترعة بأنبذة مريوط المعتقة مع أزهار اللوتس وقضب الريحان، وقال الملك لرجاله: غدا نخترق حدود المملكة الشمالية وترفع على أسوارها أعلام مصر لأول مرة منذ نيف ومائة عام.

अज्ञात पृष्ठ