105

किफाह तिबा

كفاح طيبة

शैलियों

فعقلت لسانها ولم تنبس بكلمة، فأخبرها باقتضاب بما عرض عليه رسول أبيها وما تم الاتفاق عليه، ثم قال: وعما قليل تحملين إلى أبيك وترحلين معه إلى حيث يرحل، فمبارك عليك هذا اليوم.

فاكتنفت وجهها ظلال الحزن وجمدت أساريرها وغضت طرفها، فسألها أحمس: أتجدين حزنك للهزيمة أكبر من فرحك لحريتك؟

فقالت: يجدر بك ألا تشمت بي، فسنغادر بلادكم كراما كما عشنا فيها كراما.

فقال أحمس بجزع ظاهر: لست أشمت بك أيتها الأميرة، فقد ذقنا مرارة الهزيمة من قبل وعلمتنا الحروب الطويلة أن نشهد لكم بالشجاعة والبسالة.

فقالت بارتياح: شكرا لك أيها الملك!

وسمعها لأول مرة تتكلم بلهجة خالية من الغضب والكبرياء، فتأثر وقال لها وهو يبتسم ابتسامة حزينة: أراك تدعينني ملكا أيتها الأميرة؟

فقالت وهي تغض بصرها: لأنك ملك هذا الوادي دون شريك، أما أنا فلن أدعى أميرة بعد اليوم.

فازداد تأثر الملك ولم يكن يتوقع أن تلين شكيمتها على هذا النحو .. ظن أنها تزداد بالهزيمة صلفا، فقال بحزن: أيتها الأميرة، إن ذكريات الدنيا سجل اللذة والألم، وقد بلوتم الحياة حلوها ومرها ولا يزال أمامكم غد.

فقالت بطمأنينة عجيبة: نعم أمامنا غد وراء سراب الصحراء المجهولة، وسنلقى حظنا ببسالة.

ساد الصمت، والتقت عيناهما، فقرأ في عينيها الصفاء والرقة؛ فذكر صاحبة المقصورة التي أنقذت حياته من الموت وسقته رحيق المودة والحنان، وكأنه يراها لأول مرة بعد ذاك العهد الطويل، فزلزل فؤاده وقال بجد وجزع: عما قليل يفرق بيننا البين ولن تبالي ذلك، ولكني سأذكر دائما أنك كنت معي فظة غليظة!

अज्ञात पृष्ठ