इराक का इतिहास का सार: इसके उदय से लेकर आज तक
خلاصة تاريخ العراق: منذ نشوئه إلى يومنا هذا
शैलियों
دان كبيرهم سلجوق بن دقاق بالإسلام منذ أن فارق بيغوخان ملك الترك واحتل دار المسلمين في القرن العاشر للميلاد، وكان من هؤلاء الترك كثير في قصور الخلفاء العباسيين، وبقوا خاضعين لخمس دول نشأت في فارس، وكرمان، والشام، وحلب، وبلاد الروم، وأعظم من اشتهر منهم في الحروب والغزوات والفتوح: طغرلبك، وألب أرسلان، إلا أنه لم يقم فيهم من نشط العلم والعلماء؛ إذ إن عنصر الترك مخرب ومدمر، لا مشيد ومعمر، وهو عار من الخصال الحميدة، مشهور بالخصال الذميمة. غير أنه نهض في عصر السلطان ألب أرسلان وابنه ملكشاه وزير كبير خطير فارسي المحتد، طوسي المولد، دهقاني الدم، هو خواجه بزرك قوام الدين نظام الملك أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق رضي فزين أيامهم بما أبقاه من الآثار الجليلة التي تطيب ذكره، فكان يلاطف الجميع ويعاملهم أحسن معاملة، حتى مشى في ركابه سلطان العرب مسلم بن قريش، وكان ملوك الأطراف يقبلون كتفه جلالا له ويتشرفون بلبس خلعه، وبقي في صدر الوزارة ثلاثين سنة. وفي أيامه كان الآباء يعنون بتربية أبنائهم ليحضروهم في مجلسه؛ لأنه كان يرشح كل أحد لمنصب يصلح له بمقدار ما يرى فيه من الفضل والكمال، ومن وجده في بلدة قد امتاز بعلمه وأدبه بنى له مدرسة ووقف عليها وقفا، وأنشأ فيها دار كتب، والمدرسة التي طبقت شهرته في الخافقين هي النظامية في بغداد، على ما أشرنا إليه، وعلى مثالها أنشأ الخلفاء بعده مدارسهم. وظهر من تدبيره في سياسة الممالك ما بعث سليمان بن عبد الملك الخليفة الأموي إلى أن يقول عن الأعاجم كلامه المشهور الذي يعاد عند ذكر كل نابغة من نوابغهم: «عجبت لهؤلاء الأعاجم، ملكوا ألف سنة فلم يحتاجوا إلينا ساعة، وملكنا مائة سنة فلم نستغن عنهم ساعة.» وفي زمن نظام الملك نشأت طبقات الكتاب المجيدين، مثل: ابن الصباغ صاحب الشامل، وأبو الوليد الباجي، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والمتولي، وإمام الحرمين، والدامغاني الحنفي، وابن فضالة المجاشعي، والبزدوي شيخ الحنفية، والكيا الهراسي، والشاشي، والأبيوردي اللغوي، وأبو نعيم صاحب الحلية، وأبو زيد الدبوسي، وأبو الحسين البصري المعتزلي، ومكي صاحب الإعراب، والشيخ أبو محمد الجويني، والمهدوي صاحب التفسير، والإقليلي، والثمانيني، وأبو عمرو الدواني، والخليل صاحب الإرشاد، وسليم الرازي، وأبو عثمان الصابوني، وابن بطال شارح البخاري، والقاضي أبو الطيب الطبري، وابن شيطي المقرئ، وابن بابشاذ، والقضاعي صاحب الشهاب، وابن برهان النحوي، والبيهقي، والهذلي صاحب الكمال في القراءات وغيرهم؛ ولم يزل باب الوزير مجمع الفضلاء وملجأ العلماء حتى قتل، اعترضه يوما في طريقه صبي بهيئة صوفي معه قصة، فدعاه وسأله وتناولها، فمد يده ليأخذها، فضربه بسكين في فؤاده، فحمل إلى قصره فمات، وقتل القاتل في الحال. وقيل إن السلطان هو الذي دس عليه من قتله، فإنه سئم طول حياته واستكثر ما بيده من الإقطاعات.
وامتدت رقعة السلطنة السلجوقية في نحو أواخر القرن الحادي عشر للميلاد، من بحر قزوين إلى بحر الروم، ومن بلاد كاشغر إلى ديار اليمن، وكان فيها من الأمصار: أصبهان، ونيسابور، وبلخ، وهراة، وبغداد، والموصل. وأخذ الاختلال يدب في هذه المملكة العريضة الواسعة الأرجاء في عهد ملكشاه. وبعد وفاة سنجر (في القرن الثاني عشر للميلاد)، وهو آخر أبناء ملكشاه، قسمت المملكة بين الأمراء الغورية والخوارزمية والأتابكية. ومما عجل في انتقاضها المعارك الداخلية، ومحاربات الصليبيين، وغزوات المغول (في عصري جنكيز خان وهولاكو)، حتى قضت على مملكة السلاجقة في بلاد الروم، فانقرضت دولتهم في سنة 1307 مع علاء الدين الثالث، فتجزأت حتى صارت نحو عشرة أجزاء استقل كل منها بنفسه، ثم اضمحل الكل في المائة الرابعة عشرة للميلاد. (4-26) المقتدي
المقتدي: هو أبو القاسم عبد الله ابن الأمير محمد الذخيرة بن القائم بأمر الله، مولده يوم الأربعاء 18 جمادى الأولى من سنة 470ه/8 ك1 سنة 1077م، أمه أم ولد أرمنية، اسمها «أرجوان»، وتدعى «قرة العين»، أدركت خلافته، وخلافة ولده المستظهر، وخلافة ولد ولده المسترشد بالله، وكانت صالحة. بويع له في صبيحة الليلة التي توفي فيها جده القائم وعمره 19 سنة، وجلس بدار الشجرة من دار الخلافة بقميص أبيض وعمامة بيضاء وطرحة بيضاء، فبايعه وجوه الأشراف والفقهاء. وفي أيامه بنى جامع المدينة، وما شاء الله من القناطر والمصانع في طريق مكة، وحفر الأنهار التي كانت قد خربت، كنهر شيلي، والخالص، ونهر «بين»، والإسحاقي، وهو الذي بنى منارة القرون في السبيعة بقرب الواقصة، من قرون الظباء وحوافر الحمر الوحشية، على مثال ما فعل سابور بن أردشير باني منارة الحوافر في قرية أسفجين في رستاق همذان، ويقال إن صاحب هذه الآثار كلها السلطان جلال الدولة ملكشاه بن ألب أرسلان.
ومن محاسنه أنه نفى المغنيات والخواطئ من بغداد، وأمر ألا يدخل أحد الحمام إلا بمئزر، وخرب أبراج الحمام في بيوت الناس صيانة لحرم الغير. وفي سنة خلافته جمع نظام الملك المنجمين، وجعلوا النيروز أول نقطة من الحمل، وكان قبل ذلك عند حلول الشمس نصف الحوت، وصار ما فعله النظام مبدأ التقاويم. وفي سنة 476 ولى الخليفة أبا شجاع محمد بن الحسين الوزارة، ولقبه «ظهير الدين»، وكان أول حدوث التلقيب بالإضافة إلى الدين. وفي سنة 483 (1090م) أنشئت ببغداد مدرسة لتاج الملك مستوفي الدولة بباب أبرز، ودرس بها أبو بكر الشاشي، وهي المدرسة التي اشتهرت بعد ذلك باسم المدرسة التاجية. وفي سنة 484 قدم السلطان ملكشاه بغداد، وأمر بعمل جامع كبير بها، واتخذ الأمراء حوله دورا ينزلونها. توفي المقتدي ليلة السبت 15 المحرم من سنة 487 (5 شباط 1094م) فجأة، فقيل إن جاريته «شمس النهار» سمته، فكتم موته ثلاثة أيام، وبويع لولده المستظهر ولي عهده، ودفن بدار الخلافة، ثم نقل إلى تربة الرصافة فدفن بها، وكانت خلافته 19 سنة و8 أشهر و9 أيام. (4-27) المستظهر
هو أبو العباس أحمد، ولد ليلة السبت 18 شوال سنة 470 / 6 نيسان سنة 1087، أمه أم ولد، اسمها «كلبهار»، وبويع بعد وفاة أبيه وعمره 16 سنة، ولم تصف له الخلافة، بل كانت أيامه مضطربة كثيرة الحروب، وكان لين الجانب، كريم الأخلاق، يسارع في أعمال البر، حسن الخط، جيد التوقيعات لا يقارنه فيها أحد، وكان ذا فضل غزير وعلم واسع، سمحا، جوادا، محبا للعلماء والصلحاء. وفي سنة 494 (1101م) كثر أمر الباطنية بالعراق وقتلهم الناس، واشتد الخطب بهم حتى كان الأمراء يلبسون الدروع تحت ثيابهم، وقتلوا خلائق جمة. وكانت وفاة المستظهر في يوم الأربعاء 23 من شهر ربيع الأول من سنة 512ه/15 تموز 1118م عن 41 سنة و3 أشهر و11 يوما، ودفن بدار الخلافة، ثم نقل إلى الرصافة فدفن بها. (4-28) المسترشد
ولد يوم الأربعاء 14 ربيع الأول سنة 485ه/25 نيسان 1092م، أمه أم ولد، اسمها «لبابة»، بويع له بالخلافة بعد وفاة أبيه. كان ذا همة عالية، وشهامة زائدة، وإقدام ورأي، وهيبة شديدة. ضبط أمور الخلافة ورتبها أحسن ترتيب، وأحيا رسم الخلافة وشيد أركانها، وباشر الحروب بنفسه، وخرج عدة مرار إلى الحلة والموصل وطريق خراسان، إلى أن خرج المرة الأخيرة، وكسر جيشه بقرب همذان، وأخذ أسيرا إلى أذربيجان. وكان مليح الخط، ما كتب أحد من الخلفاء قبله مثله، يستدرك على كتابه، ويصلح أغاليط في كتبهم. وفي أيامه خطب لمسعود بالسلطنة في بغداد، ومن بعده لداود، وخلع الخليفة عليهما، ثم وقعت الوحشة بين الخليفة ومسعود فخرج لقتاله، فالتقى الجمعان، وغدر بالخليفة أكثر جنده، فظفر به مسعود وأسره مع خواصه، فلما بلغ الخبر أهل بغداد حثوا التراب على رءوسهم في الأسواق، وبكوا وضجوا، وخرجت النساء حاسرات يندبن الخليفة، فامتنعت الصلاة والخطبة. ثم هجم سبعة عشر رجلا من الباطنية حيث كان الخليفة، فقتلوه في خيمته مع جماعة من أصحابه، فما شعر بهم الجند إلا وقد فرغوا من شغلهم، فأخذوهم وقتلوهم، وجاء الخبر إلى بغداد، فاشتد وقعه على الناس، وخرجوا حفاة مخرقي الثياب، والنساء ناشرات الشعور يلطمن وينشدن المراثي؛ لأن المستشهد كان محببا فيهم ببره وحسن أخلاقه وآدابه، ونقلت جثته من سرادقه إلى باب مراغة ودفن فيها، وكانت مدة خلافته 17 سنة و8 أشهر وأياما، وعمره 45 سنة. (4-29) الراشد
ولد سنة 502 (1108م)، أمه أم ولد، اسمها «جلنار»، بويع بالخلافة يوم وصل نعي والده؛ أي يوم الاثنين 7 ذي القعدة من سنة 529 (20 آب 1135م)، وكان فصيحا، أديبا، شاعرا، شجاعا، جوادا، حسن السيرة، يؤثر العدل ويكره الشر، خلع بعد دخول السلطان مسعود بغداد وخروج الخليفة إلى الموصل، وكان خلعه يوم الاثنين 16 ذي القعدة سنة 530 (17 آب 1136م)، وبايعوا عمه محمد بن المستظهر، ولقب «المقتفي لأمر الله»، ومرض الراشد بظاهر أصبهان مرضا شديدا، فدخل عليه جماعة من العجم كانوا فراشين له فقتلوه بالسكاكين، ثم قتلوا كلهم، وذلك في 16 رمضان سنة 532 (29 أيار 1138م)، ولم تؤخذ البردة والقضيب من الراشد حتى قتل، فأحضرا بعد قتله إلى المقتفي، فلما وصل نعيه إلى بغداد قعد له في العزاء يوم واحد. (4-30) المقتفي
ولد في 22 ربيع الأول سنة 489 (28 آذار 1096م)، أمه أم ولد اسمها «نزهة»، حبشية، أدركت خلافته. بويع له بعد خلع الراشد. وكانت أيامه نضرة بالعدل وانتشار العلوم، وكان على قدم من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه وبعده، ولم ير بعد المعتصم خليفة في شجاعته وصرامته، مع لين جانب ورأفة في لطافة. وفي سنة 541 (1146م) جلس ابن العبادي الواعظ، فحضر السلطان مسعود - وكان قد جاء بغداد تلك السنة - وتعرض ابن العبادي بذكر مكس البيع وما جرى على الناس، ثم قال: «يا سلطان العالم، أنت تهب في ليلة لمطرب بقدر هذا الذي يؤخذ من المسلمين، فاحسبني ذلك المطرب وهبه لي واجعله شكرا لله بما أنعم عليك.» فأجاب. ونودي في البلد بإسقاطه، وطيف بالألواح التي نقش عليها ترك المكوس وبين يديه الدبادب (الطبول) والبوقات وسمرت، لم تزل إلى أن أمر الناصر لدين الله بقلع الألواح، وقال: «ما لنا حاجة بآثار العجم.» وهنا نلاحظ أن نشر أمور السلاطين على الألواح كما يرى اليوم نشرها على الجرائد وإلصاقها على الحيطان مما قد عرفه العرب في عهد العباسيين. وقد جدد المقتفي بابا للكعبة، واتخذ من العقيق تابوتا لدفنه. وفي أيامه عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء ولم يبق لهما منازع، وقبل ذلك - منذ دولة المقتدر إلى وقته - كان الحكم للمتغلبين من الملوك، وليس للخليفة معهم إلا اسم الخلافة. توفي ليلة الأحد 12 ربيع الأول من سنة 555 عن 66 سنة، (23 آذار 1160م) إلا أياما، وكانت خلافته 24 سنة و3 أشهر و14 يوما، ودفن في دار الخلافة، ثم نقل إلى تربة الرصافة. (4-31) المستنجد
المستنجد بالله: هو أبو المظفر يوسف بن المقتفي، ولد في شهر ربيع الأول من سنة 518 (نيسان 1124م). أمه أم ولد رومية، وقيل كرجية اسمها طاووس، أدركت خلافته. خطب له أبوه بولاية العهد سنة 547، وبويع له يوم موت أبيه وكان عمره 33 سنة. وكان موصوفا بالعدل والرفق، أطلق من المكوس شيئا كثيرا، بحيث لم يترك في العراق مكسا وكان شديدا على المفسدين، سجن رجلا كان يسعى بالناس مدة، فحضره رجل وبذل فيه عشرة آلاف دينار، فقال: «أعطيك عشرة آلاف دينار ودلني على آخر مثله لأحبسه وأكف شره عن الناس.» قال ابن الجوزي: «وكان المستنجد موصوفا بالفهم الثاقب والرأي الصائب والذكاء الغالب والفضل الباهر، له نظم بديع ونثر بليغ ومعرفة بعمل آلات الفلك والأسطرلاب وغير ذلك.» وكان آخر من عمل في أيامه بقواعد الخلفاء الماضين وجلوس وزيره بالديوان لرفع المظالم، ولم ينتبه إليه أمر إلا أزاله، ولم يذعر رجلا من رعاياه ذاعر. وقد صفت له أيام خلافته، وأظهرت الأرض ما فيها من الذخائر، واجتمعت له أموال كثيرة. توفي في 9 ربيع الأول 566، ودفن بدار الخلافة عن 48 سنة، ثم نقل إلى تربة الرصافة، وخلافته 11 سنة وشهر وأيام. (4-32) المستضيء بالله
هو أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله، وكان مولده في 6 شعبان من سنة 536 (7 آذار 1142م)، أمه أم ولد، اسمها غضة، أرمنية لم تدرك خلافته. بويع له بالخلافة يوم توفي والده وعمره إذ ذاك 30 سنة، وفي يوم المبايعة أمر بقتل الوزير ابن البلدي، ورد المظالم، وأفرج عن المحبوسين، وأسقط الضرائب والمكوس، ورسوم البيع، وسياقات الأعمال ما شاع واشتهر، وكان سخيا جوادا حسن السيرة، لم تصل قصة يسأل فيها حاجة إلا وردها بقضاء حاجة صاحبها. وفي أيامه مد جسر على دجلة مضاف إلى الجسر العتيق، ونصب من الدواليب بباب الغربة إلى الرقة، وذلك سنة 570 (1174م)، وبنى فخر الدولة الحسن بن المطلب جامعا بقصر ابن المأمون على دجلة، واستؤذن بإقامة الجمعة فيه فأذن له، واحتجب الخليفة عن أكثر الناس، فلم يركب إلا مع الخدم ولا يدخل عليه غيرهم. وفي خلافته انقضت دولة بني عبيد، وخطب له بمصر، وضربت السكة باسمه، وجاء البشير بذلك، فأغلقت الأسواق وعلقت القباب. قلنا: وهي التي تعرف اليوم عند الإفرنج بما نقله المعربون العصريون: عقد النصر، أو قوس الظفر، مما يدل على أن العرب سبقوا الإفرنج أيضا إلى هذا العمل، وأرسل الخليفة في جواب البشارة الخلع والتشريفات لنور الدين وصلاح الدين، وأعلاما وبنودا للخطباء. وفي سنة 569ه/1173م أراد جماعة من محبي العبيديين في مصر إقامة الدعوة وردها إلى آل العاضد آخر خلفائهم فيها، ووافقهم جماعة من أمراء صلاح الدين، فاطلع هذا على نيتهم فصلبهم جميعا بين القصرين. توفي المستضيء عشية السبت 6 شوال سنة 575ه/5 آذار سنة 1180م، ودفن بدار الخلافة، ثم نقل إلى تربة بالجانب الغربي على شاطئ دجلة بقصر المأمون. (4-33) الناصر لدين الله
अज्ञात पृष्ठ