खुलासत अथार
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
प्रकाशक
دار صادر
प्रकाशक स्थान
بيروت
طَوِيلَة ولازم بعض الموَالِي فسلك طَرِيق الموَالِي فدرس وَقدم فِي غُضُون ذَلِك إِلَى حلب صُحْبَة قاضيها عبد الرَّحِيم بن إسكندر فولاه قسْمَة حلب وَقدم إِلَى دمشق مَرَّات عديدة ثمَّ خدم بعض قُضَاة الْعَسْكَر فِي خدمَة التَّذْكِرَة وَصَارَت لَهُ محنة كَاد أَن يقتل بِسَبَبِهَا وَذَلِكَ أَنه نسب إِلَيْهِ أَنه قلد السُّلْطَان فِي خطه فَكتب السُّلْطَان خطا شريفًا بقتْله ثمَّ لم تزل أَعْيَان الدولة يشفعون لَهُ حَتَّى سكت عَنهُ واختفى مُدَّة حَتَّى تنوسيت قصَّته ثمَّ اخذ فِي إصْلَاح أَحْوَاله فَتَوَلّى قَضَاء آمد فسلك فِيهَا أحسن سلوك وَكَاد يلْتَحق بِالْقَاضِي شُرَيْح ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس ثمَّ قَضَاء أَيُّوب ثمَّ ولي قَضَاء الشَّام فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَألف وَقَالَ فِيهِ بعض الأدباء مؤرخًا تَوليته
(لقد ولي الشَّام الشَّرِيفَة حَاكم ... بِخَير لنا قد عدت وَالْعود أَحْمد)
وَكَانَ بالروم رجل من أهالي حلب يُسمى تبجي وَيعرف بستيتية حلب وَكَانَ عُلَمَاء الرّوم يعتقدونه كثيرا خُصُوصا شيخ الْإِسْلَام حُسَيْن ابْن أخي فشفع لصَاحب التَّرْجَمَة فِي إبقائه بِدِمَشْق مُدَّة زَائِدَة على مدَّته فأبقى وأنفذت شَفَاعَته فَقَالَ فِي ذَلِك الْأَمِير منجك
(تَقول لنا الشَّهْبَاء والدهر نادم ... وَأم اللَّيَالِي اشْتَدَّ صَوت نواحها)
(ستيتيتي أبقت لقَاضِي دمشقكم ... جناحاها فها هُوَ طَائِر بجناحها)
وَفِي أَيَّام قَضَائِهِ ورد إِلَى دمشق من عَسْكَر السُّلْطَان مُرَاد بن أَحْمد طوائف وشهرتهم بالقشلق وَسبب ورودهم أَنهم كَانُوا عينوا لمحاربة شاه عَبَّاس فدهمهم الشتَاء دون الْوُصُول إِلَى خطة الْعَجم فَأمروا بِأَن يشتوا فِي دمشق وأطرافها من الْقرى وضيقوا على النَّاس أَمر الْمَعيشَة وبالغوا فِي التَّعَدِّي والتجاوز وَنهب أَمْوَال النَّاس ونفع صَاحب التَّرْجَمَة الْخلق فِي قمع أُولَئِكَ بعض القمع وَفِيهِمْ يَقُول إِبْرَاهِيم الأكرمي الْمُقدم ذكره
(أنظر إِلَى القشلق فِي ذلة ... الْعَكْس من حَالهم الْحَائِل)
(كم رجل مِنْهُم بسموره ... على جواد صائل صاهل)
(تحف بالجندي غلمانه ... وَقد أَتَى يسأ من سَائل)
وَلأبي بكر الْعمريّ قصيدة فِي وَصفهم وَفِيمَا فَعَلُوهُ وَيُشِير فِيهَا إِلَى معاونة صَاحب التَّرْجَمَة فِي دفع بعض شرهم ومطلعها
(أَواه مِمَّا حل فِي جلق ... من العنا فِي زمن القشلق)
1 / 263