165

खुलासत अथार

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

प्रकाशक

دار صادر

प्रकाशक स्थान

بيروت

وَلأَهل دمشق فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم وَهُوَ مَحَله وَأَهله وَكَانَ متجنبًا غَالب النَّاس وَله مداومة على تِلَاوَة الْقُرْآن وَالْعِبَادَة أَخذ عَن الأجلاء من مَشَايِخ عصره مِنْهُم جدنا الْعَلامَة إِسْمَاعِيل النابلسي الشَّافِعِي وَأخذ الْفِقْه عَن الْفَقِيه الْكَبِير مُوسَى بن أَحْمد بن أَحْمد الْحَنْبَلِيّ الْمَعْرُوف بالحجازي صَاحب الاقناع وَأخذ عَن الشَّمْس مُحَمَّد ابْن طولون الصَّالِحِي وبرع فِي أَنْوَاع الْعُلُوم ودرس بعدة مدارس مِنْهَا دَار الحَدِيث بصالحية دمشق بِالْقربِ من الْمدرسَة الأتابكية وَكَانَ لَهُ بقْعَة تدريس بالجامع الْأمَوِي وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء الْحَنَابِلَة بمحكمة الْبَاب لما مَاتَ القَاضِي مُحَمَّد سبط الرجيحي الْحَنْبَلِيّ فِي زمن قَاضِي القضة الْمولى مصطفى بن حُسَيْن بن الْمولى سِنَان صَاحب حَاشِيَة التَّفْسِير فَامْتنعَ وَبَالغ القَاضِي وَمن كَانَ عِنْده من كبار الْعلمَاء فِي طلبه فَلم ينخدع وَاعْتذر بثقل السّمع وَأَنه لَا يسمع مَا يَقُوله المتداعيان بسهولة وَذَلِكَ يَقْتَضِي صعوبة فصل الْأَحْكَام وَلم يزل يتلطف بِالْقَاضِي حَتَّى عَفا عَنهُ وَكَانَت فَاتَهُ فِي ثامن عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَألف وَبَنُو مُفْلِح من الْبيُوت الْمَعْرُوفَة بِالْعلمِ والرياسة بِالشَّام وردوا فِي الأَصْل من قَرْيَة راميم من وَادي الشّعير تَابع نابلس ونزلوا صالحية دمشق وتفرعوا بطونًا فَأَحْمَد هَذَا من نسل نظام الدّين وَأما ابْن عَمه القَاضِي مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالأكمل الْآتِي ذكره فِي حرف الْمِيم إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَهُوَ من نسل إِبْرَاهِيم وهما أَخَوان
الأديب أَحْمد بن أَحْمد المكني بِأبي العنايات ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الْكَرِيم النابلسي الأَصْل الْمَكِّيّ المولد نزيل دمشق الشَّاعِر الْمَشْهُور بالعناياتي أحد بلغاء عصره جمع شعره بَين جودة السبك وَحسن الْمَعْنى وَعَلِيهِ طلاوة رائقة وبهجة فائقة وديوان شعر مَشْهُور وَكَانَ يدْخل فِي جَمِيع طرق الشّعْر من بديع وهجو وعزل ونسيب وَله فِي فنون النّظم السِّت الَّتِي ابتدعها الْمُتَأَخّرُونَ الباع الطَّوِيل وَكَانَ أَبوهُ رَحل من نابلس وقطن مَكَّة مُدَّة وَتزَوج بهَا فولد لَهُ أَحْمد هَذَا بهَا وَكَانَ أسمر اللَّوْن وينطق بنطق أهل مَكَّة ونبابه وَطنه أَيَّام شبابه فَفَارَقَ الْمقَام وقوض الْخيام وتقاذفت بِهِ ديار الغربة وَكَانَ ينْتَقل ويجول فِي كل ديار لَكِن كَانَت سياحته مَقْصُورَة على الْبِلَاد الشامية وَدخل دمشق آخرا فِي سنة سِتّ أَو سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَألقى بهَا عَصا ترحاله فسكن مرّة فِي جَامع هِشَام بن عبد الْملك فِي جِهَة سوق جقمق ثمَّ ارتحل إِلَى الْمدرسَة الباذرائية وَاسْتمرّ بهَا مجاورًا فِي حجرَة من حجراتها

1 / 166