قال ابن الصلاح (١): لم يزل عدد رواته في ازدياد وهلم جرًّا على التَّوالي والاستمرار.
قال ابن الأثير في جامع الأصول (٢): العدد على قسمين، كامل وهو أقل عدد يورث العلم، وزائد يحصل العلم ببعضه، وتقع الزيادة فضلة.
والكامل ليس معلومًا لنا، لَكِنَّا بحصول العلم الضَّروري، نَستدِّل على كمال العدد، لا أنَّا بِكمَال العدد نستدل على حصول العلم، وأقل عدد يحصل به العلم الضروري مَعلومٌ لله تَعَالى، غير مَعلُومٍ لنا، لأَنَّا لا ندري متى يَحْصُل لنا العلم بوجود مكة عند تواتر الخبر، وأنه كان بعد خبر المائة والمائتين، ويعز علينا تجربة ذلك وإن تكلفناها، فسبيله أن نراقب أنفسنا إذا قُتِل رَجُلٌ في السُّوق مثلًا فشاهد جماعة فأخبرونا عن ذلك متوالية، فإن قولَ الأول يُحرِّك الظَّن، وقول الثاني والثالث يؤكده، ولا يزال يتزايد تأكده إلى أن يَصِير ضروريًا (٣).
والآحَاد: كلُّ خَبَرٍ لم يَنْتَه إِلى التَّواتُر، ثم هو قِسمان مُسْتَفِيضٌ وغَيْرُه (٤).
_________
(١) مقدمة ابن الصلاح (ص ٤٥٥).
(٢) جامع الأصول لابن الأثير (١/ ١٢٢).
(٣) ينظر جامع الأصول لابن الأثير (١/ ١٢٢ - ١٢٣).
(٤) كتب في حاشية (ز) ما نصه "وقيل هو ما يفيد الظن ثم هو قسمان مستفيض وغيره ... فالمستفيض ما زاد نقلته على ثلاثة، وقيل غير ذلك، وغير المستفيض هو خبر الواحد أو الاثنين أو الثلاثة على الخلاف فيه، وأكثر الأحاديث المدونة والمسموعة من هذا القبيل ... والتعبد بها جائز عند جمهور علماء المسلمين والعمل بها واجب عند أكثرهم، ورد بعض الحنفية خبر الواحد فيما يعم به البلوى كالوضوء من مس الذكر والإقامة، ورد بعضهم خبر الواحد في الحدود، ورجح بعض المالكية القياس على خبر الواحد المعارض للقياس، والصحيح الذي عليه أهل الحديث أو جمهورهم أن خبر الواحد العدل المتصل في جميع ذلك مقبول وراجح على القياس المعارض له وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من أئمة الحديث والفقه والأصول والله أعلم ".
1 / 32