खुलासा यौमिया वा शुधुर
خلاصة اليومية والشذور
शैलियों
والعقل الإنساني لم يستتر ولا تخدر، بل كان على أتم ما يكون عليه عقل المجاميع في مثل تلك الأيام، فكان الصليبيون يعاودون الكرة في كل حملة بعزم متجدد وأسف على فوات الفرصة منهم في الحملة التي تقدمتها لا شائبة فيه للندم، فلم تكن تلك الحروب ثورات حنق أو اندفاعات حماسة دينية، وإنما هي حروب أصولية لم يفتها شيء مما يسبق حروب اليوم من التدبر وإعمال الروية في جوهرية الأسباب وقيمتها من الأهمية. ونحن نغالي في تزكية أنفسنا إذا ظننا أننا نصنع غير ما صنعوا لو أننا كنا موضعهم محاطين بمثل الظروف التي كانوا محاطين بها.
فهذا العالم الذي نراه أمامنا كان في نظر آبائنا عالما مسحورا، الباطن فيه أكثر من الظاهر، فكان مقسوما إلى منطقتين، استولى الله على إحداهما وتنازل للشيطان عن الأخرى، والناس مختلفون في رقم خريطته، فما كان عند هذا الفريق من منطقة الله يعده الفريق الآخر من منطقة الشيطان.
فالصليبيون أغاروا على المشرق ليستخلصوا علم الله المقدس من حوزة أعدائه، ولو سكتوا عنه لما كانوا أهلا لأن يختارهم الله ويجعلهم شعبه، ولا يرضون ذلك لأنفسهم إلا إذا رضوا لها أن يجردوها من كل صفات النخوة والشهامة؛ وهي كل ذخر الرجل وفخره في ذلك الزمان.
ومع ذلك فالخيار بين الرضاء بهذه المسبة وبين فظائع الحروب الصليبية لم يكن بالأمر العسير لولا خشية العقاب، فأي بلاء وأي شقاء لا ينزله الله بهذا الذي ينفض من حوله علمه ويتركه لأعدائه؟ إن إحباط المسعى وإمحال الزرع وتفشي الوباء أقل ما يتوقع من الجزاء على هذا النكوص المعيب!
وقد كانت العداوات تستقر وتهدأ بعد الوقائع الأولى لولا أن انقسم العدوان المتقاتلان بطبيعة الإقليم إلى شطرين - شرق وغرب. متقدم ومتأخر. ضعيف وقوي. طامع ومطموع فيه - بطبيعة موقعهما لا يمكن إلا أن يتجدد العداء بينهما كلما عرضت أسباب الخلاف، وهي كثيرة لا تخلو منها معاملة من معاملاتهما المتبادلة.
التعصب في العصر الحاضر
هل يخشى أن تعود الإنسانية إلى مثل هذه المواقف في الأجيال المستقبلة؟
كلا! فالدين قد نصلت صبغته عن العروض الخارجية. تقدمت العلوم الطبيعية فعرف الإنسان علل الأشياء وكيف ولماذا تحدث، وأيقن أنها لا تحدث من أجله ولا من أجل عمله، لم يعد رجال الدين وكلاء أشغال الله على الأرض يبيعون الرحمة والرزق لعباده بالمال، وفي وكالاتهم وحوانيتهم التي يسمونها المساجد والكنائس، ولكنهم انقلبوا رجالا كبقية الرجال ليس فيهم من السر إلا ما في كل إنسان. عرف الإنسان من أين تأتيه المنفعة ومن أين تأتيه الخسارة، وأدرك أن تلك الطائفة لا يد لها على هذه ولا على تلك، وأنه لا يحق له أن يبحث عن السبب في كلتيهما إلا في عنايته أو تقصيره فيما هو آخذ فيه. عرف أيضا أن الأديان لا تجعل الإنسان نجسا بطبيعته ولا طاهرا بطبيعته؛ فهو لا يطلب من الإنسان كيفما كان معتقده الديني إلا ما تقتضيه إنسانيته، وهي لا تستلزم أن يكون مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، ولكن كل ما تستلزمه أن يكون عضوا عاملا في بنية الهيئة الاجتماعية، وبعد أن كان كله في قبضة ما وراء المادة أصبح للمادة كله، وارتدت الدينيات من العقل إلى زاوية ضيقة بعيدة عن مشاغل الحياة وعلائق الإنسان بالإنسان، ومن الأرض إلى بقاع مقصورة على المعابد والمساجد والبيع. وهكذا كلما انحسر الدين عن بقعة عادت مجال وفاق ووئام بعد أن كانت ميدان نضال وخصام.
تقليد النساء
النساء أسرع تقليدا؛ لأنهن أشد غيرة. وهن أشد غيرة؛ لأن المشاكلة بينهن في المناقب والمفاخر أقرب مما هي بين الرجال.
अज्ञात पृष्ठ