فيهم أجسامنا وفيهم من هو أفضل من كثير منا، أقول هذا لأني أقول الحق، ويجب على زعيمكم أن يقول الحق (تصفيق حاد).
لقد برهنا في مواطن كثيرة على إخلاص شديد، وكفاءة نادرة وأفتخر - أنا الذي شرفتموني بدعوتي زعيمكم - بأني أعتمد على كثير منهم، فكلمتي ووصيتي فيكم أن تحافظوا على هذا الاتحاد المقدس، وأن تعرفوا أن خصومكم يتميزون غيظا كلما وجدوا هذا الاتحاد متينا فيكم (تصفيق). ولولا وطنية في الأقباط وإخلاص شديد لتقبلوا دعوة الأجنبي لحمايتهم، وكانوا يفوزون بالجاه والمناصب بدل النفي والسجن والاعتقال، ولكنهم فضلوا أن يكونوا مصريين معذبين محرومين من المناصب والجاه والمصالح، يسامون الخسف، ويذاقون الموت والظلم على أن يكونوا محميين بأعدائهم وأعدائكم.
هذه المزية يجب علينا أن نحفظها وأن نبقيها دائما في صدورنا، وإني أفتخر كل الافتخار كلما رأيتكم متحدين متساندين، فحافظوا على اتحادكم، وهناك افتخار آخر لهذه النهضة وهو التفاف الأمة حول شخصي الضعيف.
تعودتم طاعتي وأنا لم أكن أميرا فيكم، ولا قريبا لبيت ملك اعتدتم الخضوع له، ولا أنا من بيت كبير، بل أنا فلاح ابن فلاح من بيت صغير، يقول عليه خصومنا: إنه حقير. ونعمت الحقارة هذه! ولم أكن غنيا ليكون التفافكم حولي طمعا في مال، ولا أنا ذو جاه أوزع الجاه على من يطمع فيه، ولكنكم التففتم حولي فدللتم بذلك على أنكم لا تطلبون مالا ولا جاها، بل السجن في بعض الأوقات (تصفيق حاد).
أنتم أمة تلتف حول رجل لا مال عنده ولا جاه، ولا جمال أيضا (ضحك). حقيقة أن كل ما يستهوي الناس عادة مفقود عندي، أنا مقر بذلك، وأنا أؤكد لكم وأقسم بالله وبصفاته أني ما تخيلت حتى في منامي أن شخصي الضعيف موضوع تلك الحفاوة، ولكني أعتقد أن في الأمة شعورا تبعيا ونورا إلاهيا هداها إلى شيء في شخصي الضعيف هو أني متمسك بمبادئها (تصفيق).
قالوا وما أكثر ما قالوا! قالوا إنكم قوم تعبدون الأشخاص (يعني ما شفتوش إلا أنا؟) (ضحك) لم لم تعبدوا غيري؟ هذا كلام فارغ، لا يستحق مني الرد، وهذا هو الدليل على أن نهضتكم حقيقية.
تعبت مع صحبي المخلصين، وهنا اسمحوا لي أن استطرد عن أولئك الصحب.
تعبت ولكن صحبتهم أنستني آلام النفي؛ لأنهم كانوا حقيقة أبناء بررة، شعرت بحبهم وأنسوني كل ما كان يمكن أن أحس به في سجني وغربتي، ولولا قصر الوقت لشرحت لكم جميل عنايتهم بي، يقينا كنت أتقوى في عزيمتي بهم، وإني أشكرهم على هذه التقوية، أنسوني آلاما كثيرة ووجدت فيهم عوضا كبيرا، شكرتهم بسري هناك، وهنا أشكرهم علنا أمام الأمة جميعا (تصفيق حاد).
نفينا فماذا حصل؟ حل محلنا آخرون، فكان لهم من الأمة نفس الاحترام الذي كان لنا؛ لأنهم حلوا في المكان الذي عهدت فيه الأمة الإخلاص، حلوا فيه، ولم يكن أمامهم إلا السجن والنفي والإثم، ودل ذلك على أن الأمة جميعها مستعدة إذا غاب منها سيد قام سيد (تصفيق).
جاء هؤلاء الخلق ونابوا عنا أحسن نيابة، وعذبوا وأهينوا ولكنهم صبروا حتى حكم عليهم بالإعدام فتقبلوه بوجوه باشة هاتفين لمصر وللاستقلال التام (تصفيق حاد وهتاف متواصل). وعندما أخذوا قام من خلفهم وسار سيرهم، فكان له ما كان لهم من احترام وسجن واعتقال، ثم خلفهم أسياد آخرون قاموا بعبئهم خير قيام، فتوالى قيام الأبطال مكان الأبطال، السجن يفتح أبوابه لكل حر ولكل عامل للحرية؛ دليل على تأصل النهضة فيكم وأنكم حقيقة مستعدون لأن تضحوا بكل شيء في سبيل استقلالكم، وأن نهضتكم حقيقية وأنكم تمجدون الأشخاص الذين يتمسكون بمبادئكم مهما كانوا، وكنت وأنا في منفاي عندما أرى هذه الوثبات أقول: لقد تمت مأموريتي واستقلت البلاد (هتاف لحياة الرئيس). فأجاب معاليه هاتفا: «لتحيا جميع الوفود التي خلفت سعدا في مكان سعد» فردد الجميع هذا الهتاف.
अज्ञात पृष्ठ