खिताब व तघैयुर इज्तिमाई
الخطاب والتغير الاجتماعي
शैलियों
ومع ذلك فإن الطبيب يمارس التحكم ولو بأسلوب لا يتميز به في الواقع، وهي حقيقة نستطيع أن نتبينها في التداخل الخطابي (أي التناص المكون) إذا افترضنا وجود التلاقي بين نوع المقابلة الطبية المعيارية وبين أنواع أخرى، وهو الذي يؤدي إلى الحفاظ على بعض معالم التحكم في التفاعل الخاصة بالنوع الأول، وإن كانت تتحقق بشكل مخفف وغير مباشر نتيجة تأثير الأنواع الأخرى، أي إن الأفعال نفسها تنبع من نوع معين وتنتمي صور تحقيقها عمليا إلى أنواع أخرى. ما هذه الأنواع الأخرى؟ أشرت من قبل إلى نوع المحادثة، ولكن المحادثة موجودة هنا باعتبارها من العناصر المكونة لنوع آخر، وهو جلسات المشورة. وهكذا فإن علاقة التداخل الخطابي الأولية في هذا النوع من المقابلة الشخصية الطبية تبدو علاقة تقع ما بين نوع المقابلة الطبية المعيارية وجلسات المشورة، أو ما يسميه تن هاف (1989م، وانظر أيضا جيفرسون ولي، 1981م) «الحديث العلاجي» في تحليل له بأسلوبي نفسه، إذ إن جلسات إسداء المشورة تؤكد إتاحة فرصة الكلام للمرضى (أو العملاء) والتعاطف العميق مع أقوالهم (وهي التي كثيرا ما يرجع المستشار صداها أو يعيد صوغها بصوت المريض) وعدم إصدار توجيهات لهم. وليس من قبيل المفاجأة أن يعجز البحث عن نماذج لجلسات المشورة عن الخروج من دائرة الخطاب المؤسسي إلى دائرة خطاب المحادثة حيث تتحقق هذه القيم على نطاق واسع (وهي البارزة هنا في تحفظ الطبيب وتخفيف اللهجة) ويكون ذلك على سبيل المثال في صورة الشخص الذي «يجيد الإصغاء» في عالم الحياة.
ولكن الأنواع المتباينة من المقابلات الطبية لا تتعايش وحسب، بل إنها تشتبك في علاقات تنازع وصراع، باعتبارها جانبا من الصراع الأعم الأشمل حول الممارسة الطبية، أي إن المقابلات الطبية من نوع العينة الثانية ترتبط بشفافية بقيم معينة، مثل معاملة المريض باعتباره شخصا لا مجرد حالة، وتشجيع المريض على أن يتحمل قدرا من المسئولية عن العلاج، وهلم جرا. والواقع أن القضية الحقيقية في الصراعات بين أنواع المقابلات الطبية قضية الحدود بين نظم الخطاب، مثل الحد الفاصل بين جلسة المشورة والمقابلة الطبية، وتبيان التداخل الخطابي بين بعض العناصر داخل نظم الخطاب.
ويبدو أن الاتجاه الأولي للتغيير داخل الطب المعاصر اتجاه نحو مقابلات قريبة الشبه بالعينة الثانية، ويتجلى في هذا بصفة خاصة ملامح التغيير في القيم الثقافية والعلاقات الاجتماعية التي أشرت إليها آنفا، وهي تغييرات في بناء «الذات الطبية» بناء يبتعد بها عن السلطة والخبرة السافرتين، وتغييرات تبتعد بالسلطة عن منتجي البضائع والخدمات وتقترب بها من المستهلكين أو العملاء، وتغييرات تفيد الابتعاد عن الطابع الرسمي والاقتراب من الطابع غير الرسمي وهلم جرا، ولكن التغيير لا يجري في سلاسة، ويتمثل أحد الأسباب في وجود اتجاهات فعالة متنافرة ومتناقضة، ونجد ثانيا أن بعض اتجاهات التغير الثقافي تستطيع التناغم مع بعض الاتجاهات على مستويات أخرى، أو تتنازع معها. فنجد على سبيل المثال أن تحويل الممارسة الطبية إلى ممارسة من النوع الموجود في العينة الثانية ذو تكلفة اقتصادية باهظة. فالطبيب يستطيع الانتهاء من «فحص» المرضى ب «كفاءة» وسرعة أكبر من خلال نهج محدد سلفا مثل الذي نجده في العينة الأولى، بدلا من تقنية إتاحة الوقت للمرضى ما داموا يشعرون بأنهم يحتاجون إليه في الحديث. ويتعرض الأطباء اليوم في بريطانيا وغيرها لضغوط هائلة لزيادة «كفاءتهم»، وتتضارب هذه الضغوط مع الاتجاهات السائدة على المستوى الثقافي (ارجع إلى الفصل السابع أدناه حيث المزيد من مناقشة الاتجاهات المعاصرة في التغير الخطابي).
العينة الثالثة: السرد في المحادثة
توضح العينة الثالثة بعدا آخر من أبعاد التناص، إنها مقتطف من محادثة يروي فيها زوجان إلى زوجين آخرين قصة ما حدث لهما مع مفتشي الجمارك عند عودتهما من عطلة في الخارج. ونسخ المحادثة منظم بحيث يقع على أربعة أسطر، إذ يختص كل مشارك بسطر واحد. وبعد السطور الأربعة الأولى، لن تضم السطور إلا كلام من يتحدث من هؤلاء. والكلام المتداخل يظهر في سطرين متتاليين أو أكثر، وفترات الصمت يرمز لها بنقطة (تفيد التوقف الكامل). وعلامة يساوي (=) تعني أن الكلام التالي يتبع الكلام الأول مباشرة. والبنط الأسود يفيد ارتفاع الصوت. وحرف الزاي «ز» يرمز للزوج، وحرف «ق» يرمز لقرينته. لاحظ أن بعض السطور في الجزء الأول لا كلام أمامها، والرمز «ز1» يعني الزوج الأول، و«ز2» الزوج الثاني، و«ق1» القرينة الأولى، و«ق2» القرينة الثانية.
في الفقرة قبل الأخيرة يطلب الزوج الأول من قرينته ألا تقاطعه، ويتوقف اعتبارنا أن ما تفعله القرينة الأولى أثناء السرد بمثابة مقاطعة على تصوراتنا للطبيعة الدقيقة للنشاط هنا. وتوجد عدة أنواع فرعية للسرد أو قص القصص، ومن الجوانب المهمة التي تتفاوت فيها ما إذا كان الراوي فردا واحدا أم عدة رواة. والقصص التي يقصها شخصان أو أكثر باعتبار أنها قصصهما أو قصصهم مألوفة في رواية القصص أثناء المحادثة. وربما يكون الزوج الأول في هذه الحالة قد افترض أنه يقدم قصة من جانب راوية واحد، في حين أن قرينته تفترض (مع الزوج الثاني) أنهما يقدمان القصة معا، وإن كان لنا أن نرى أن دورها دور «مساعد» فقط. ويبدو أن القرينة1 والزوج2 يتصوران أنهما يعملان في إطار نموذج لقصة «تفاعلية»، بمعنى المصطلح الإضافي للقصة التي تروى من خلال الحوار بين الرواة والجمهور. ويمكن اعتبار هذه الحالة حيث يعمل المشاركون المختلفون في إطار نماذج نوعية مختلفة أسلوبا آخر من أساليب التناص، إذ يشبه إلى حد ما الحالة في العينة الأولى، حيث يتوجه المشاركون المختلفون إلى أصوات مختلفة (ولك أن ترجع إلى التمييز بين طرائق التناص في بداية الفصل الرابع أعلاه).
ويختلف النوعان الفرعيان للسرد اللذان أقول بوجودهما، بطبيعة الحال، في نظم تناوب الحديث والتحكم في الموضوعات. فالسرد من جانب راوية واحد ينسب حقوق الحديث أثناء قص القصة إلى الراوية الأوحد، وهو ما يعني ضمنا أن المشاركين الآخرين لا حق لهم في أدوار حديث كاملة، وإن كان يتوقع منهم أن يستجيبوا بالحد الأدنى من ردود الأفعال، ومن ثم فليس لهم الحق في التحكم في الموضوعات. وأما القصة التي يشترك فيها أكثر من راوية فتقتضي اشتراك أكثر من متحدث، والمشاركة في حقوق تناوب الحديث وتقديم الموضوعات وتغييرها. ومحاولة الزوج الأول أن «يحمي» حقه في الكلام تبدو لنا ذات فظاظة بسبب عدم حساسيته لكون قرينته والزوج الثاني يعتبران أن القصة تروى بالمشاركة بين الزوجين.
إلى أي مدى يمكننا اعتبار مسألة الانتماء إلى أحد الجنسين ذات صلة بهذه الحالة؟ إن الزوج الثاني يشترك مع القرينة 1 في تصور أن السرد مشترك، وهذا في ذاته دليل ينفي اقتصار الرواة على الرجال دون النساء، حتى ولو كان ذلك صحيحا لأسباب أخرى. ومع ذلك فإن هذه العينة تقترب من تمثيل ما تدلني عليه خبرتي الخاصة من انتشار نسق معين لرواية القصص من جانب الزوجين، إذ يحكي الزوج القصة (ويسرق الأضواء ) في حين تلعب الزوجة دورا ثانويا، بتقديم تعليقات تؤيد رواية الزوج وتضيف إليها تفاصيل محدودة، من دون أن تحاول المشاركة في التحكم في الموضوعات، وفي إطار هذا النسق نرى أن القرينة1 قد تخطت الحدود بتقديم موضوعات وبالحوار مع الزوج الثاني. لاحظ تشابه هذا التحليل الثاني ذي التوجه إلى الزوج مع تحليل العينة الأولى من حيث سيطرة الطبيب.
أنتقل الآن من نماذج الخطاب إلى مناقشة منهجية لأنماط التحليل الناجمة عنها. (1) معالم التحكم التفاعلي
تكفل معالم التحكم التفاعلي سلاسة تنظيم التفاعل، أي توزيع أدوار الحديث، واختيار الموضوعات وتغييرها، وابتداء التفاعل وإنهائه وهلم جرا. ودائما ما يتعاون المشاركون في ممارسة التحكم في التفاعل إلى حد ما، وإن كانوا يختلفون في درجة التحكم الذي يمارسونه. وتعتبر أعراف التحكم في التفاعل الخاصة بنوع معين تجسيدا لمقولات محددة عن العلاقات الاجتماعية وعلاقات السلطة بين المشاركين. ومن ثم فإن البحث في التحكم في التفاعل وسيلة لإيضاح التمثيل العملي للعلاقات الاجتماعية ومعالجتها في الممارسة الاجتماعية. (2) تناوب أدوار الحديث
अज्ञात पृष्ठ