खिताब व तघैयुर इज्तिमाई
الخطاب والتغير الاجتماعي
शैलियों
وإلى جانب ما يعنيه التناص من ضم النص لنصوص أخرى أو استجابته لها، فلنا أن نرى أنه يضم العلاقات التي يمكن أن تكون «مركبة» بينه وبين الأعراف (الخاصة بالأنواع، وضروب الخطاب، والأساليب، وأنماط النشاط - انظر أدناه) والتي تنتظم معا لتشكيل نظام من نظم الخطاب. وفي معرض مناقشة باختين للنوع (النصي) يقول: إن النصوص قد لا تكتفي بالاستفادة من هذه الأعراف بطريق مباشرة نسبيا، بل إنها «تعيد تفعيلها» وذلك مثلا باستخدامها استخداما تهكميا، أو بالمحاكاة الساخرة لها، أو بتبجيلها، وقد «تخلط» بينها بطرائق شتى (1986م، 79-80). ويرتبط التمييز بين علاقات التناص بين النصوص وغيرها من النصوص المحددة، وبين العلاقات التناصية بين النصوص وبين الأعراف، بتمييز آخر يستخدمه محللو النصوص الفرنسيين، ألا وهو التناص «السافر» والتناص «التكويني» أو «التشكيلي» (أو تييه، ريفي، 1982م؛ مانجانو، 1987م). فأما التناص السافر فيعني الوجود الصريح لنصوص أخرى داخل النص قيد التحليل، وهي سافرة لوجود علامات واضحة تدل عليها على «سطح» النص، مثل علامات التنصيص، ولكن أحد النصوص قد يضم نصا من دون وجود ما يدل عليه صراحة، ومن الممكن للكاتب أن يستجيب إلى نص آخر بالطريقة التي يصوغ بها نصه الخاص، على سبيل المثال. وأما التناص التكويني أو التشكيلي فهو تشكيل الأعراف الخطابية التي تستعمل في إنتاجه. والأولوية التي أوليتها لنظم الخطاب تؤكد التناص التكويني. ولسوف أستخدم تعبير التناص باعتباره مصطلحا عاما يشير إلى التناص السافر والتكويني عندما لا يكون التمييز بينهما قضيتي، ولكنني إذا أردت التمييز فسوف أستخدم مصطلح التركيب الخطابي بدلا من التناص التكويني، وذلك حتى أؤكد أن تركيزي منصب على أعراف الخطاب لا على النصوص الأخرى التي تكون النص أو تشكله.
ويترتب على التناص تأكيد عدم تجانس النصوص، وتطبيق أسلوب تحليل يؤكد العناصر والخيوط المنوعة التي ينسج منها النص والتي كثيرا ما تكون متناقضة. وإلى جانب ذلك، فالنصوص تتفاوت تفاوتا شديدا في درجة عدم تجانسها، وهو ما يتوقف على كون علاقات التناص فيها بسيطة أو مركبة. وتختلف النصوص أيضا من حيث التكامل بين عناصرها غير المتجانسة، أي في درجة وضوح عدم تجانسها على سطح النص. وعلى سبيل المثال قد يتميز بوضوح نص آخر مدرج في النص الرئيسي بوجود علامات تنصيص وفعل يدل على قائل هذا النص الآخر، ومن المحتمل ألا يتميز بعلامات بل يمتزج بنائيا وأسلوبيا بالنص الرئيسي، وربما يكون ذلك عن طريق إعادة صياغته (انظر مناقشة تمثيل الخطاب أدناه). ويجوز أيضا أن تكون النصوص المقتطفة قد «أعيد تفعيلها» أو لا تكون كذلك، والمقصود بالتفعيل تغيير نغمتها أو نبرتها حتى تتفق مع النغمة أو النبرة السائدة في النص المحيط بها (أي أن تتفق معه أو لا تتفق في النغمة الساخرة أو العاطفية المسرفة)، بل وقد تكون نصوص الآخرين أو لا تكون قد انصهرت في افتراضات مجهولة المؤلف في خلفية النص، ما دامت مفترضة سلفا (انظر مناقشة الافتراض السالف أدناه). وهكذا فقد يكون النص غير المتجانس ذا سطح نصي وعر يتسم ب «المطبات» وقد يكون ذا سطح أملس نسبيا.
ويعتبر التناص مصدرا لجانب كبير من التباس معاني النصوص. فإذا كان سطح النص تتحكم فيه عوامل كثيرة، أي النصوص الأخرى الكثيرة التي تشارك في تكوينه، فإن بعض عناصر هذا السطح قد لا يتضح موقعها في شبكة التناص الخاصة بالنص، وقد يلتبس معناها؛ وقد تتعايش معان كثيرة معا، وقد يكون من المحال تحديد «المعنى» . فقد يمثل النص كلام شخص آخر فيما تسميه التقاليد الرواية غير المباشرة (مثل «يقول الطلاب كم يحبون المرونة في اختيار المواد الدراسية ومدى هذا الاختيار») وفي هذه الحالة نصادف التباسا دائما في البت فيما إذا كانت الصيغة الواردة هنا تمثل ألفاظ الشخص الذي قالها، أو تمثل كلام مؤلف النص الرئيسي. فهل يزعم هذا المثال أن الطلاب يقولون فعلا «كم نحب المرونة في اختيار المواد الدراسية ومدى هذا الاختيار» أم كلاما هذا معناه؟ «صوت» من هذا؟ صوت الطلاب أم صوت إدارة الجامعة؟ وعلى نحو ما ذكرت آنفا، قد يكون القصد من بعض عناصر النص أن يفسرها مختلف القراء أو الجماهير تفسيرات مختلفة، وهذا يمثل مصدرا للتناص «الاستباقي» الملتبس المعنى.
في الجزء الباقي من هذا الفصل سوف أحلل عينتين نصيتين لإيضاح بعض إمكانيات التحليل وفق مفهوم التناص. واستنادا إلى هذين المثالين، سوف أناقش أبعاد التناص المهمة في بناء إطار لتحليل الخطاب، ألا وهي: التناص السافر، والمركب الخطابي، و«التحولات» النصية، وكيف تشكل النصوص الهويات الاجتماعية.
العينة الأولى: تقرير إخباري
العينة الأولى مقالة ظهرت في صحيفة بريطانية قومية هي «ذا صن» (أي الشمس) في 1985م، (انظر فيركلف 1988م، ب، لتحليل أكثر تفصيلا). وهي خبر عن وثيقة رسمية أصدرتها لجنة من لجان مجلس العموم بعنوان
سوء استخدام العقاقير الخطيرة: الوقاية والمكافحة .
وسوف أركز على «رواية» أو «تمثيل» الكلام في المقالة (انظر الوصف المعياري الجيد له عند ليتش وشورت، 1981م). وسوف أستعمل في الواقع مصطلحا آخر، لأسباب أذكرها فيما بعد، وهو «التمثيل الخطابي». والتمثيل الخطابي شكل من أشكال التناص الذي يتسم بوجود أجزاء من نصوص أخرى داخل النص، وعادة ما ينص على ذلك صراحة إما باستخدام علامات تنصيص وعبارات تشير إلى الراوي (مثل «قالت» أو «زعمت ماري أن ...») والتمثيل الخطابي يشكل بوضوح جانبا رئيسيا من جوانب الأخبار: إذ يعني تمثيل ما هو جدير بأن يكون خبرا من أقوال الناس، ولكن له أهمية بالغة أيضا في أنماط خطابية أخرى، مثل تقديم الأدلة في المحاكم، وفي السياقات السياسية، وفي المحادثات اليومية التي لا يكف الناس فيها عن رواية ما قاله الآخرون. والواقع أن أهمية التمثيل الخطابي لم تلق عموما حقها من التقدير، سواء باعتبارها عنصرا من عناصر النصوص اللغوية أو باعتبارها بعدا من أبعاد الممارسة الاجتماعية.
وقد اخترت هذه المقالة خصوصا لأن بين أيدينا معلومات غير متاحة في العادة لعامة القراء، ألا وهي الوثيقة التي يدور الحديث عنها في المقالة (دار المطبوعات الحكومية، 1985م) ومن ثم نستطيع أن نقارن بين التقرير الخبري والأصل المطبوع، ونركز حول أسلوب تمثيل الخطاب.
وعادة ما نميز في الأقوال المروية بين ما يسمى التمثيل الخطابي «المباشر» و«غير المباشر». انظر مثلا: حذرت السيدة ثاتشر زملاءها في مجلس الوزراء قائلة «لن أقبل الآن أي انحطاط»، فهذا مثال للخطاب المباشر، وانظر «حذرت السيدة ثاتشر زملاءها في مجلس الوزراء بأنها لن تقبل آنئذ أي انحطاط»، فهذا مثال للخطاب غير المباشر. وكل منها يتضمن عبارة تذكر الراوي («حذرت السيدة ثاتشر زملاءها في مجلس الوزراء») يتلوها تمثيل للخطاب. أما في حالة الخطاب المباشر فإن الكلمات «الممثلة» مكتوبة بين علامات تنصيص وأما الزمن و«العلامات الإشارية»، أي الكلمات التي تتعلق بزمن القول المنطوق ومكانه مثل كلمة «الآن» في هذا المثال، فتنتمي للكلام «الأصلي». ويوجد حد صريح بين «صوت» الشخص المروي عنه وصوت «الراوي»، وكثيرا ما يقال إن الخطاب المباشر يستخدم الألفاظ نفسها التي نطق بها المتكلم. وأما في الخطاب غير المباشر فتختفي علامات التنصيص، ويتخذ التمثيل الخطابي شكل جملة في موقع نحوي ثانوي بالنسبة للجملة الراوية، وهي علاقة يدل عليها الحرف «أن» (أو إن). ويتحول الزمن والعلامات الإشارية من أجل إدراج منظور الراوية، فكلمة «الآن» مثلا تتحول إلى «آنذاك». ويقل وضوح الفصل بين صوتي الراوية والشخص المروي عنه، وقد تكون الكلمات المستخدمة لتمثيل خطاب الأخير كلمات الراوي نفسه لا كلمات المروي عنه.
अज्ञात पृष्ठ