ख्याल के विचार
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
शैलियों
عرفت المحاضر منذ نعومة أظفاره، إذ كان مفتونا بفاجنر ويوقع منتخبات من مؤلفاته بتعبير عظيم وعواطف متأججة وتصوير خلاب، وكان يعالج الشعر الفرنسي في هذا الوقت ويجمعه في كراسات مخطوطة فكان يسمعنا منه قطعا شائقة، وهذا سر نجاحه؛ لأنه تكلم عن نابغة فتن به منذ صغره.
وما أردت بهذه الكلمة إلا أن أنوه بفضل شاعرنا المفضال وجهده العظيم، وأن أضيف كلمة متواضعة عن فاجنر في النواحي التي لم يطرقها المحاضر وله العذر؛ لأن المحاضرة بلغت نحو الأربعين صحيفة تقريبا ولا يتأتى أن يلم المحاضر بجميع أطراف الموضوع في محاضرة واحدة.
اجتمعت في فاجنر مواهب جمة قل أن توجد كلها في نابغة غيره، كان كاتبا قديرا وشاعرا مجيدا وموسيقيا مبدعا وفيلسوفا عظيما ومبتكرا ومجددا بمعنى الكلمة، ولقد سرح فكره في تاريخ الفن واستعراض الأطوار التي مرت عليه، فوجد أن التراجيدي اليونانية القديمة التي نشأت من اشتراك جميع الفنون والتعاون الفرح للأمة التي ما اجتمعت واتحدت إلا لتبدع الجمال أو تعجب به، وقد اتحد الشعر مع الموسيقى لإيجاد الدرام اليوناني، واجتمع الرقص والإشارات التمثيلية والنحت ليحققه على المسرح بأوزان شجية وجماعات ساد عليها الجمال، ثم ائتلفت الهندسة مع التصوير ليحدثا الإطار اللائق لأن تدور فيه المشاهد والحوادث، وهبت الأمة بعضهم بمثابة ممثلين والآخرون مشاهدون.
كانت الوحدة الأولية في العصر اليوناني لم تتفكك بعد، إذ كان الإنسان قريبا من الطبيعة يشاهدها بعين الفنان ويخضع لأول وهلة لقانون الحاجة الذي يتكلم في نفسه بصوت الغريزة.
ولما كرت الحقب وتعاقبت السنون تهشمت تلك الوحدة وأخلت البصيرة والغريزة مكانهما للتفكير؛ فأصبح يحلل بدلا من المشاهدة، وبهذه الصفة تجزأت الوحدة في الطبيعة إلى أجزاء عدة منعزلة عن بعضها، وانحل التعاون الأخوي الذي ساد بين الفنون.
شعرت الإنسانية شيئا فشيئا بالداء الذي تئن منه، فابتدأ الميل إلى الجمع
Synthése
من جديد، وهب الفنان الأخصائي من أعماق عزلته وفتح ذراعيه للفنون المجاورة، احتاجت الموسيقى إلى الرقص ليمدها بالإيقاع (الوزن)، وإلى الشعر ليملي عليها الألحان، وإلى القول ليعطي المعاني المحدودة لأمانيها.
ولقد حاولت الموسيقى من عدة قرون أن تكتفي بنفسها وتستغني عن غيرها من الفنون قانعة بإيقاع وألحان مستعارة أو مقلدة فلم تفلح، إلى أن ظهر أكبر نوابغ الموسيقيين في العالم بيتهوفن، فإنه تنبأ ببصيرته الوقادة عن المثل الأعلى في الموسيقى، وكانت السانفوني التاسعة قد اضطرته إلى الاستعانة بالشعر ليكون متمما لها وليسمح له بالخروج من المنطقة المبهمة للاضطراب الخالص، وليعلن بدقة عن مطامحه ورغباته، فوصل بذلك ما انقطع من الروابط التي تربط الفنون الثلاثة ببعضها، والفضل يرجع إليه في تخليص الموسيقى من عزلتها، وكانت السانفوني التاسعة خطوة ثابتة قاطعة نحو الفن الجمعي
L’art Synthétique .
अज्ञात पृष्ठ