256

ख्याल के विचार

خواطر الخيال وإملاء الوجدان

शैलियों

وهذا مثل ذلكم البحر وقد أظلته تلك السماء بضوئها الوهاج الذي ينساب كالماء بعد تباين ألوان السحب الرصاصية حتى أصبح شائقا فخما، كاللحن الديني الشجي الفتان للرجل العظيم بعدما جالد اليأس في ظلامه الحالك، إن ذاك اليم يهيج نفوسنا كما يوقظه فينا ذاك الرجل العظيم ، وسواء أكان في حضرة هذا أو ذاك ينقطع استماع ونظر الأشياء المنفردة أو الكائنات المحدودة أو شطر من أعمال الحياة، إن موسيقاه لهي النشيد العام للأحياء الذي يشعر فيه بالتنعم أو الشكوى؛ بل إنها النفس العظيمة وما نحن إلا فكرها، إنها الطبيعة بأكملها قد جرحتها الضرورات فشوهتها أو سحقتها، ولكنها ما فتئت مختلجة وسط جنازتها وهي بين جموع الموتى الذين لا يدركهم العدو قد غطوها، ترفع كفيها صوب السماء وقد امتلأتا بالسلالات الجديدة وهي تصرخ صراخا غير رنان ولا مفهوم دائم الاختناق تسببه على الدوام رغبة لا يطفأ أوارها.

نظرت إلى ولهلم وكنا تقريبا في نفس تلك الحالة وتقدمنا إلى بعضنا، أستغفر الله فإننا لم نضع وجهينا المجعدين صوب بعضهما، ولكننا قد تنبأنا بفكرتنا بعضنا في عيني بعض ثم ابتسمنا، وكفانا في هذه السن أن نتصافح ... (3) احتفال مصر بمرور خمسين عاما على وفاة فاجنر

في نفس الساعة التاسعة من مساء 29 يناير سنة 1934 التي كان الألمان يحتفلون فيها بأوبيرا برلين بمرور خمسين عاما على وفاة فاجنر أكبر نابغة في الموسيقى في القرن التاسع عشر، كانت مصر تشارك في هذا الاحتفال في المعهد الملكي للموسيقى العربية، والفضل في ذلك يرجع إلى الأستاذ ستافرينو صاحب مجلة الأسبوع المصري التي تصدر بالفرنسية، والشاعر المجيد خيري نجل المرحوم خيري بك الأمين الأول للمرحوم السلطان حسين كامل.

وقد جمعت هذه الحفلة من عظماء المصريين والأجانب وكثير من الأدباء والصحفيين، وقد بهر الشاعر المجيد خيري الحضور بمحاضرته القيمة التي ألقاها بلغة فرنسية فصيحة أمام جهاز الراديو، الذي تجشم المهندسان اللذان قاما بتركيبه كثيرا من المتاعب حتى حصلا على أعظم نتيجة، إذ استخدما محطة المعادي اللاسلكية وسلطا عليها سلك التلفون، ثم وصلا هذا السلك بالراديو، وبعد إلقاء المحاضرة قال صاحب السعادة حسن نشأت باشا كلمة في الاحتفال بأوبيرا برلين باللغة العربية حيا فيها جلالة مولانا الملك، وحمل إلى المصريين تحية هتلر وتمنياته، ولقد سمعت في مصر بفضل هذه الجهود بصوت جهوري رنان، ثم أعقبه الاحتفال فوقع أوركستر الأوبيرا القطع الآتية:

الفاتحة الموسيقية لأوبيرا تانهوزر.

الفاتحة الموسيقية لأوبيرا لوهنجرين.

سيجفريد إيديل.

الفاتحة الموسيقية لأوبيرا أساتذة الغناء.

كان التوقيع غاية في الإتقان والصفاء ولم يشبه أدنى جلبة بفضل هذه الجهود الجبارة حتى كادت تميد طربا جدران المكان.

لم أتمكن من الجلوس في الصفوف الأولى لشدة الزحام، فلذلك لم أستطع أن أسمع كل الأقوال بجلاء، وعللت النفس بمطالعتها حينما تنشر لأستعيد تلك اللذة العظيمة، ولأعلن لأمتنا المحبوبة أن في الكنانة رجالا يشرفوننا في مثل هذه المواقف.

अज्ञात पृष्ठ