115

खवातिर

خواطر ثروت أباظة

शैलियों

اشتراكية التمليك لا التجريد

الأهرام - العدد 32757

17 أغسطس 1976

لقد اتضح في الخطاب التاريخي الذي قال فيه الرئيس السادات إن مصر ترفع لواء «اشتراكية التمليك لا التجريد» ... إن الرئيس يفهم - من واقع تراث أمته - معنى الاشتراكية فهما عميقا يرتكز على عدالة التوزيع والتقريب بين الغنى الفاحش والفقر المدقع، الأمر الذي كرهه الإسلام فحض في آيات كثيرة له على إعطاء الفقراء إلى جانب ما فرضه من الزكاة، حتى لقد جعل منها ركنا من أركان الإسلام لا يتم الإسلام إلا به.

والزكاة بطبيعتها لا تكون إلا عن مال يغل، والحض على إعطاء الفقراء هو في ذاته يحمل معنى وجود الأغنياء، فالفقراء لا يعطون الفقراء، ولهذا أضحك ضحكا مريرا من الذين يرون الإسلام داعيا إلى الاستيلاء على الأموال، مرتئين في الآيات التي تقول بأن الله مالك كل شيء، وأنه يرث الأرض ومن عليها، وفي الحديث الذي ذكر أن الماء والكلأ ملك للجميع حجة يشهرونها أن المال جميعا مال الله، وهم يعلمون أن المال مال الله حين يرث الله الأرض ومن عليها، أما في هذه الحياة الدنيا فالناس أمناء على هذا المال يمتحنهم الله به ويحاسبهم على معاملتهم لهذا المال حين يحاسب الله الناس على ما قدمت أيديهم .

ولو كانت كلمة الماء والكلأ تعني أن الملكية للجميع، وأن كل النبات والماء ملك مشاع ما اشترى عثمان بئرا ووهبها للمسلمين، إنما الماء والكلأ في الصحراء هما في الحقيقة الثروات الطبيعية التي كان العرب يعرفونها ولا يعرفون غيرها كالبترول الآن، والكلأ بطبيعته هو الذي ينبت في الأرض دون أن يزرعه أحد، وكذلك كان الماء عند العرب يفيض من الآبار دون مجهود الناس.

أما لو كان المراد أن ما تنبته الأرض وما تفيض به من ماء مهما يكن الأمر فيه، وسواء كان الماء والزرع في أرض مملوكة لبعض الناس أو لم تكن ... لو كان المراد أن يصبح هذا قاعدة تستولي بها الدولة على الأرض الزراعية ووسائل الري الحديثة وغير الحديثة لانتفت الملكية الزراعية جميعا، وحينئذ تنتفي العدالة؛ لأن الدولة بهذا المفهوم العجيب ستستولي على الأرض الزراعية وتترك العقارات الأخرى من أبنية ومصانع، وهي أيضا ستترك التجارة، لأنه لم يرد عليها نص.

ولو لم يكن الإسلام حريصا غاية الحرص على الملكية الخاصة وطريقة انتقالها لما ذكر المواريث بهذا التفصيل الذي أوردها به في سورة النساء، وهو تفصيل لم نجده حتى في الصلاة، فالقرآن الكريم لم يذكر عدد ركعات الصلوات ونحن نصليها على أنها سنة مؤكدة.

وبعد، فالدين الحنيف قوي وعظيم ويستطيع أن يتحمل كل هؤلاء الذين يتواثبون حوله ويحاولون أن يحرفوا الكلام فيه عن مواضعه، فمهما تذهب بهم الضلالة ويذهب بهم التضليل، سيظل الدين القيم شامخا ثابتا نافذا إلى الأجيال، وحسبه قول العزيز القدير:

إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر: 9] صدق الله العظيم.

अज्ञात पृष्ठ