نفوسهم معلقة بأحوالهم، وقلوبهم مشغولة بتعلق نفوسهم. همهم ظهورهم (لباسهم؟) وبطونهم، واصطياد الأرامل. يعمد أحدهم إلى أرملة موسرة، فيغتنم رغبتها فيأكل أموالها ويذرها كالمعلقة. يبوأ لنفسه، رخاء العيش والتحكم في أموال الناس، مخادعة بالتلطف. قد اتخذوا الملق دينا، والتماوت صناعة يحتملون به دنياهم.
فلو قلت لأحدهم: الزم هذا البيت شهرا، فلا تخرج إلى الناس - لرأيت به من الضيق والنفار ما يظهر لك، من مكنون ما في صدره، إنه رجل بطال، قد ملكته نفسه. فهو يتكلم بكلام الأولياء التقاطا وحكايات. لا تنجع فيه كلمة، ولا يوجعه أنه خلو من ذلك. فلا عمل بالأركان، ولا وصول إلى مكان، ولا سير في طريق. كلما وعظت واحدا منهم، أخذ يروغ يمينا وشمالا. فإذا ضبطته عاند وكابر. وعاد يرد الملامة، على الخلق، ويذب عن نفسه وحاله. لا يتذلل للحق لكيلا يهتك ستر نفسه. فإذا حركته (أخيرا ..) وأقمت عليه الحجة، أبدى نفاقه، وأظهر ما نطق به مكنون ما في نفسه: من أنه يريد إبقاء حاله، وليس به شيء من هذه الأمور!
فهل يجوز أن يلان لمثل هذا في المقال؟ فإني أجري في كلامي على سبيله فإذا بلغت إلى ذكر هؤلاء تغير الكلام: فذلك حمية الحق وسنانه، يطعن الله به أهل مخادعته، المستهزئين بأمره! وإنما نسبتهم إلى المجوسية، في هذا الباب: لأنهم ملكوا هذه (الدنيا) الزانية بالعطايا من الله. فلو كانوا يملكونها بشيء من عرض الدنيا، أو بغير ذلك عن طريق علم الظاهر - لكان أيسر. ولكن ملكوها من طريق العطايا من الله تعالى. فاستعملوا تلك (العطايا الإلهية) بالاستيلاء على حطام الدنيا. فلما ظفروا بها تركوا السير إلى الله تعالى. فانظر أية فضيحة هذه؟ أليست هذه مجوسية، في هذا الطريق؟
ثم إذا خاضوا في شيء من أمور الأولياء، يقولون: الولي لا يرى، والولي لا يعرف نفسه. وشبه عليه أمره حتى لا يعجب بنفسه وأمره. وصاحب المشي على الماء وطي الأرض يأكل من نفسه. وذلك لضعفه يعطي ذلك. والعارف لا يلتفت إلى مثل هذا، إنما همه ربه فهو يسأل ربه. هذا يموه على الناس: إن لم يكن هذا لي، فاعلموا أني عارف، وممن لا يلتفت إلى هذا .. ..
والحمقى يقبلون منه حمقه هذا! فهذا قد خلا من أعمال البر لإفساد القلوب وإفساد الطريق على المريدين؛ ويلبس أمر الأولياء على أهل الإرادة، فلذلك قلت: علمهم كدر، ويتلوثون في حمأة منتنة، وتلك مأكلتهم.
पृष्ठ 82