وأما قول من قال: هي سهام الإسلام وهي عشرة شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملّة فقد كان محمّد ﷺ يدعوا إليها على [ق ١٥/و] الوجه الأتمّ، والحال الأعمّ كما صعد ﷺ على الصّفا ونادى «يا صباحاه» فاجتمعوا فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم (١) أنّ عدوًّا يُصَبّحكم أو يُمَسّيكم أكنتم مصدِّقي»، قالوا: ما جرَّبنا عليك كذبًا، قال: «فإني نذير لكم بين يدَي عذاب شديد» (٢) يعني أن تقولوا لا إله إلا الله، وكان يدعو إلى سبيل ربِّه بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالتي هي أحسن كما أمره الله تعالى حتى أذن له في جهادهم فجاهدهم حتى أقام الدّين وظهر أمْرُ الله وهم كارهون وأقام الملّة العوجاء وقالوا: لا إله إلا الله، وأما الصلاة فقد تقدم الكلام فيها وقال ﷺ: «أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأنِّي رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ...» الحديث (٣)، وكذلك الحج والجهاد والطاعة والجماعة والألفة (٤) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد أشرنا إلى ذلك وأنَّ محمّدًا ﷺ فعل هذه الأمور مع غيرها من شريعته وسنّته على أتمّ النظام وأكمل الأقْسام، فمرتبة إبراهيم الخليل ﵊ جليلة (٥)، ومزيّته نبيلة، ودرجته أثيلة (٦)، ولا كمحمّد ﷺ صاحب الوسيلة والمنزلة الرفيعة العريضة الطويلة صلوات الله وسلامه عليهما، وبركاته وتحيّاته واصلة إليهما، فقد تبين بالبرهان الواضح، والدليل الرّاجح، أن ماوَفّى محمد ﷺ أبلغ مما وفّى إبراهيم ﷺ فإنه بلغ ما أوحي إليه من ربِّه سبحانه البلاغ المبين ولم يألُ جهدًا في توضيح أصول الدين، ولم يكتم شيئًا ممّا أوحي إليه، وسواءً كان ذلك له أو عليه كما قالت عائشة رضي الله