ودخل الناس في دين الله أفواجًا فهذه منزلة لم تحصل لا (١) لنوح ولا لغيره من النبيين صلوات الله عليهم أجمعين، ولا بلغ مُلْك مَلك ما بلغ مُلكه ودينَه كما قال: «زُويت (٢) لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وأن مُلك أمّتي سَيبلغ (٣) ذلك» (٤).
وأما فضيلة نوح ﵇ بأن الله تعالى سماه شكورًا باسم من أسماءه سبحانه، فنبيّنا ﷺ قد خصَّه باسمين من أسماءه جمعهما له لم يشركه فيهما أحد فقال: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨]، ونوح ﵇ لمَّا خاطبه الله تعالى قال له: ﴿يَانُوحُ [اهْبِطْ بِسَلَامٍ] (٥)﴾ [هود: من الآية ٤٨]، ولمَّا خاطب ﷺ لم يقل له: يامحمد بل قال له: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ [المائدة: ٤١، ٦٧]، ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ [الأنفال: من الآية ٦٤، ٦٥، ٧٠ / التوبة: من الآية ٧٣ / الأحزاب: من الآية ١، ٢٨، ٤٥، ٥٠، ٥٩ / الممتحنة: من الآية ١٢ / الطلاق: من الآية ١ / التحريم: من الآية ١، ٩]، ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزَّمل: ١]، ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ [المدَّثر: ١]، فخاطبه بصفات الشَّرف والرِّفعة التي تقوم مقام الكنية واللقب بل أعظم، والخطاب بالكنية واللقب أعظم من
الخطاب بالاسم المجرَّد، وكذلك باقي الأنبياء خاطبهم [ق ٦/ظ] بأسمائهم المجرَّدة فقال: ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ﴾ [هود: من الآية ٧٦ / مريم: من الآية ٤٦ / الأنبياء: من الآية ٦٢ / الصافات: من الآية ١٠٤]، ﴿يَامُوسَى﴾ [البقرة: من الآية ٥٥، ٦١ / المائدة: من الآية ٢٢، ٢٤ / الأعراف: من الآية