حتى إنتهى إلى قوله:
قالوا له لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع قال: فنظر رسول الله إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليهما، وتبسم ثم قال: أولم أعلمهم؟ أولم أعلمهم؟ أولم أعلمهم؟ ثلاثا، ثم قال لزيد: إنك تعيش بعدد كل مرقاة رقيتها سنة واحدة، قال: فعددت المراقي فكانت نيفا وتسعين مرقاة، فعاش زيد نيفا وتسعين سنة.
وهو الملقب بزيد النار، وإنما سمي بذلك لأنه لما غلب على البصرة أحرق نفرا من أهلها، وأسواقا كثيرة منها (1).
وما أشد استحساني لجواب كان بعض المتقدمين من الشيعة يجيب به من سأله عن قعود أمير المؤمنين عليه السلام، وتركه طلب الأمر، ودعاء الناس إلى نفسه، وهو أنه كان يقول: أمير المؤمنين عليه السلام كان في هذا الأمر فريضة، من فرائض الله تعالى أداها نبي الله صلى الله عليه وآله إلى قومه، مثل الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، وليس على الفرائض أن تدعوهم إلى أنفسها، وتحثهم على طلبها، وإنما عليهم أن يجيبوها، ويسارعوا إليها، وكان أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الأمر أعذر من هارون لأن موسى عليه السلام لما ذهب إلى الميقات، قال لهارون: " اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " (2).
فجعله رقيبا عليهم وزعيما لهم، وأن نبي الله تعالى صلى الله عليه وآله نصب عليا عليه السلام لهذه الأمة علما، ودعاهم إليه وحضهم عليه، فعلي عليه السلام في عذر من لزوم بيته، وإرخاء ستره، والناس في حرج حتى يخرجوه من مكمنه، ويستثيروه من مربضه، ويضعوه في الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله.
पृष्ठ 45