ثم صرخت بملء صوتها: لا، وهي تلف ضفائر شعرها حول عنقها، لا إنهم لن يستطيعوا أن يدركوني، كلا، كلا.
وأسرعت إلى الجهة الأخرى من الغرفة تدوس كتاب نيتشى على الأرض، فأنزلت المدية التي لفقت فيها حكاية أمها مع النائب الفرنسوي.
ثم عادت جالسة تفرك بأنامل يمناها معصمها الأيسر، مستجمعة نظرها في مكان واحد، وهي تصيح: كلا، إنهم لن يدركوني أبدا، هنا، هنا تماما، رأيتهم بأم عيني، رأيتهم يذبحون بالسكين.
ما قالت هذه الكلمة إلا وتجعدت شفتاها متصلبتين مكشرتين ألما ممزوجا بهول استحال تدريجا إلى ابتسامة صفراء؛ ابتسامة الموت، فمدت ذراعها وهي تميل بوجهها من الدم المتدفق منه.
أبتاه اصفح عن ابنتك، بدرم إن الوحش الأشقر لم يحيا ليفاخر بانتصاره، ابتاه لقد ذبحته بسيفك - بدرم ذبحت الوحش الأشقر - الوحش الأشقر قد مات.
وبدت قدماها البيضاوان إذ مددت رجليها المغطاتين بالأخضر كأنهما زنبقتان تدلتا من ساقهما، زنبقتان ألوتهما ريح الصبا، وبدا وجهها المتوج بضفائرها الذهبية كالموجة المغشاة بالزبد الظاهرة عند الشفق إبان بزوغ الشمس.
أما المدية وكتاب نيتشى، فقد كانا على الأرض إلى جانب الديوان، مغموسين بالدم كأنهما يشهدان شهادة حق على ما ينبغي أن يموت في الشرق وفي الغرب قبل أن تولد روح العالم الجديدة.
अज्ञात पृष्ठ