إنها لم ترد أن تفاجئها في أحضان دري، وكانت تستطيع أن تدعي أنها رأت سيارتها، فسألت البواب عمن يسكن بالعمارة، وعرفت أن دري من بين السكان، فصعدت لترى ماذا تفعل ابنتها، لم يغب عن ذكائها أنها كانت ستحتاج إلى تلفيق هذه القصة؛ لتبرر وجودها نفسه في شقة دري، ولكنها لم ترد أن تعرف الحقيقة، ولم ترد أن تراها، فمن الطبيعي ألا تحتال لتراها؟
وكانت تستطيع أن تنتظر قريبا من الباب الخارجي للعمارة؛ لترى الخارجين جميعا.
كانت تستطيع أن تعرف بوسائل كثيرة، ولكنها رفضت هذه المعرفة المنكرة، وابتعدت عنها.
وهي الآن لا تريد أن تعود إلى البيت، وستظل تمشي في الطرقات حتى تتأكد أن فريدة قد عادت، وأنها خلعت المعطف إذا كانت هي صاحبة المعطف الملقى على الكرسي الذي اشترته، هذا إذا كانت فريدة هي صاحبة المعطف، فهو على أية حال معطف جاهز، وقد تكون غيرها قد اشترت مثله، وهي لا تريد أن تزيد الشك شكا. فلتذهب إلى البيت، ولتخلع المعطف، وليكن كل ذلك بعيدا عن عينيها.
وراحت من غير هدى تدور في الطرقات، وكأنها هي نفسها قد أصبحت دوارا أصاب الزمان والمكان جميعا.
حين خرج دري مع فريدة أقفل الباب، وأخرج المفتاح من جيبه؛ ليكمل إغلاق الباب، ولكنه فوجئ بمفتاح سهام يسد المنافذ على مفتاحه. - يا نهار أسود.
وسألته فريدة في بساطة. - ماذا؟
وأرتج عليه لحظات، ثم وجد نفسه يقول: لقد نسيت المفتاح على باب الشقة. - بسيطة. - ولكن كان الممكن ألا تكون بسيطة. - ولكن وجهك ممتقع، وكأن أحدا رآنا. - رآنا ... رآنا ... لا ... لا أظن. - لا تظن، أيمكن أن يرانا أحد ولا نحس به؟ - فعلا ... فعلا، معك حق ... هيا بنا.
ونزلا معا، ولكنه قبل أن يخرج من باب العمارة توقف فجأة. - اخرجي أنت واركبي سيارتك وامشي فورا. - ماذا بك؟ - لا شيء، مجرد احتياط. - ومتى أراك؟ - كلميني. - حسنا. - أو اسمعي، تعالي غدا. - غدا؟! - غدا، إني أريدك في شيء هام غدا. - أمرك.
وخرجت، وانتظر قليلا وخرج، وراح يتلفت حواليه، لم يجد سيارة سهام فازداد حيرة وتوجسا وخوفا، ولكن كان لا بد أن يذهب إلى بيته.
अज्ञात पृष्ठ