कीन्स: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय

कब्द रहमान मजदी d. 1450 AH
15

कीन्स: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय

جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا

शैलियों

واستمد كينز معتقداته الأخلاقية من كتاب جي إي مور «مبادئ الأخلاق»، الذي نشر عام 1903 وكان ذلك عامه الثاني في الجامعة. وفي عام 1938 قال كينز: «لا أرى أي داع لتجاهل الحدس الأساسي في كتاب «مبادئ الأخلاق».» وهناك ثلاثة أشياء تعلمها من مور تبدو ذات أهمية خاصة. كان أولها استحالة تعريف الخير؛ فقد قال مور إن الخير كلمة تعبر عن صفة بسيطة غير طبيعية، ومعروفة بالبديهة. أما الشيء الثاني؛ فهو أن الحالات الشعورية الجيدة أو السيئة تسبق فعل الخير أو الشر؛ فالقيم تحدد الواجبات. والشيء الثالث هو أن «أثمن الأشياء التي نعرفها أو يمكن أن نتصورها هي حالات شعورية معينة، والتي ربما تنحصر في الإحساس بلذة ممارسة الجنس والاستمتاع بالأشياء الجميلة.» وآمن مور بأن تلك حقيقة بديهية. وأضاف كينز الشاب المتأثر تأثرا شديدا بأفكار مور إلى هذين الشيئين حب المعرفة.

كانت أعمال الخير عند مور هي تلك التي تجلب حالات شعورية جيدة؛ فقد قال مور إن «هذين الشيئين (لذة ممارسة الجنس والاستمتاع بالأشياء الجميلة) والحصول على أكبر قدر ممكن منهما في وقت معين هما المسوغ الوحيد الذي يجعل أي شخص يقوم بأي واجب خاص أو عام، وإنهما أسباب وجود الفضيلة، وهما يمثلان الغاية العقلانية للفعل البشري والمعيار الوحيد للتقدم.»

ورأى كينز الشاب في ذلك مشكلتين؛ أولا: عجز مور - بحسب قول كينز - عن وضع أساس عقلاني لسلوك الإيثار؛ فليس هناك «رابط واضح» بين الخيرية الفردية والعامة، ويعلل كينز ذلك قائلا: «لأن الخيرية الفردية والخيرية العامة تفرضان علي متطلبات لا يمكن الجمع بينها ولا يمكن المفاضلة بينها على ميزان واحد.» ويمكننا القول إن المتطلبات المتعارضة لدى كينز هي متطلبات مجموعة بلومزبيري والحكومة البريطانية.

ثانيا: لأننا «لم تسنح لنا الفرصة قط للمعاينة المباشرة للمشاعر الخيرة للآخرين، فإنه من المستحيل تحديد أنواع الأفعال التي تزيد الخيرية العامة ككل.» ويعد معيار مور لتقييم الفعل العام أدنى مرتبة من معيار بنثام؛ إذ إنه من المستحيل باستخدام هذا المعيار معرفة هل كان التقدم الأخلاقي يحدث أم لا. وبالأخص، لا تعتمد الحالات الشعورية الجيدة للناس بأي نحو مباشر على صلاح أمر العالم.

بنى مور جسرا للإصلاح الاجتماعي بأفكاره عن الوحدة العضوية. وكان الهدف الرئيسي من مبدئه، كما وصفه كينز، هو الحد من محاولات تحديد الخيرية بالرجوع فقط لحالات شعورية منفصلة. بل ينبغي عند الحكم على خيرية وضع معين الرجوع إلى الزمن وعناصر التجربة. وحلل كينز «الكليات المركبة» لمور إلى حالات عقلية خيرة في جوهرها، وإلى أشياء اعتبرها «مناسبة» أو «مرغوبة». ولا تحتاج تلك الأشياء لأن تحمل قيمة أخلاقية في ذاتها. لكن قيمة التجربة دونها أقل من قيمتها في وجودها. ويمكن للمصلح الاجتماعي الادعاء بأنه بتحسين جودة عناصر التجربة تزيد الخيرية الأخلاقية في العالم. ويرى مور أن الخيرية تزداد، مع ثبات العوامل الأخرى، بزيادة مقدار الجمال. وقد تصرف كينز تبعا لهذا الاعتقاد بوصفه محبا لخير البشرية، ومؤسسا لمسرح كامبريدج للفنون، وكونه أول رئيس لمجلس الفنون. وفي ذروة الكساد، أشار كذلك إلى أنه إذا وضع برنامجا للاستثمار العام مستوحى من مبادئ مور، فإنه سيسعى لتزويد مدن بريطانيا «بكل أدوات الفن والحضارة» وجعلها «أعظم الإنجازات البشرية على مستوى العالم». وقد يود كينز، كأحد تلامذة مور، العمل على رفع مستوى التعليم والرفاهية ما دام أن هذا يحسن مستوى الذكاء ويزيد الوعي والجمال لدى الأمة.

لكن تظهر المشكلة مع ما صنفه مور ضمن فئة «الخير المختلط»؛ حيث تعتمد المشاعر الجيدة على وجود نظيرتها السيئة؛ إذ يمكن القول إن مشاعر الشفقة والشجاعة والعدل التي تحمل قيمة أخلاقية إيجابية تعتمد على وجود المعاناة والخطر والظلم. وقد يقلل الإصلاح الاقتصادي من مجمل الخيرية الأخلاقية بقدر ما يخلص العالم من المشاعر السيئة. وربما يعتبر المصلحون الاجتماعيون تلك الاعتبارات تافهة إذا ما قورنت بالمعاناة والاضطهاد اللذين يمكن التخلص منهما. ويبين انتباه كينز لذلك أمانته الفكرية؛ كما يفسر ضعف حماسته تجاه الإصلاح الاجتماعي.

كما ظهرت مشكلة أخرى في مناقشة مور لفكرة الواجب دفعت كينز، بحسب قوله، لقضاء «كل وقت فراغه على مدار سنوات» في دراسة الاحتمال؛ فقد قال مور إننا يجب أن نتصرف بشكل يجلب لنا أكبر قدر ممكن من الخيرية العامة. لكن معرفتنا بنتائج أفعالنا ستكون احتمالية في أحسن الأحوال. وبما أنه من المستحيل معرفة الآثار المحتملة للأفعال الممتدة عبر الزمن إلى المستقبل، فإن أقصى ما يمكننا عمله في معظم الأحوال، حسبما قال مور، هو اتباع القواعد الأخلاقية المفيدة بشكل عام، والتي تمارس على نطاق واسع كما اقترح هيوم من قبل. وكان هذا الاستنتاج غصة في حلق كينز الشاب؛ فقد استرجع عام 1938 قائلا: «قبل نزول وحي السماء، كنا نزعم أننا القاضي الوحيد في قضيتنا.» وأخذ كينز يحاول اكتشاف أساس عقلاني للأحكام الفردية للاحتمال. وقال في مقال قرأه على أعضاء جماعة «رسل كامبريدج» في 23 يناير 1904 إن مور خلط بين معرفة الاحتمالات ومعرفة التكرار النسبي للحدوث؛ فقد كان مور يزعم أننا إن لم نعلم بشكل مؤكد أن أي خير يمكننا عمله في المستقبل القريب لن يفوقه مقدار الضرر الناتج عنه في المستقبل البعيد، فإنه ليس لدينا أساس عقلاني للحكم الفردي. لكن كينز قال إن هذا غير صحيح. فكل ما نحتاجه هو «تلاشي أسباب الاعتقاد» بأن أي خير آني نفعله لن تفسده النتائج بعيدة الأمد. فلم يكن الجهل عائقا أمام الحكم الفردي، بل كان وسيلة لتحييد المجهول. وبتطبيق «مبدأ اللامبالاة» - أي تخصيص احتمالات متساوية لكل البدائل التي تتساوى لدينا الأدلة عنها (بما في ذلك انعدام الأدلة) - يمكننا توسيع نطاق الأحكام الاحتمالية. وعلى نحو أكثر عمومية، كانت المعرفة الاحتمالية نوعا من المعرفة المنطقية، بالنظر إلى «ارتباط الأدلة» بالاستنتاجات؛ فقد ارتبطت بعقلانية الاعتقادات لا بظروف الأحداث. وكان بحث كينز في الاحتمال الذي نشر أخيرا في عام 1921 نابعا من تلك الفكرة الجريئة.

كان السؤال الذي طرحه كينز هو: ما هي مبادئ الاختيار والفعل العقلاني عندما يكون المستقبل مجهولا أو غير مؤكد؟ هذا يعني أن اهتمامه كان بعقلانية الوسيلة لا الغاية، رغم أن الحكم بخيرية الفعل يعتمد على كلتيهما. وزعم كينز أن العقل يمكنه غالبا أن «يقلل» عدم اليقين إلى احتمال؛ حيث يدله الحدس إلى أن بعض النتائج أكثر أو أقل احتمالا للحدوث من غيرها؛ أو كما قال إنه «يدرك» علاقة احتمال بين الدليل (المقدمة) والنتيجة في مسألة ما. ويسمح هذا الإدراك ب «درجة من تصديق» النتيجة. فالمنطق الذي يقترحه هو منطق الاستتباع الجزئي.

اعتبر رأي كينز بأن الاحتمال عبارة عن «تبصر» منطقي هجوما على النظرية السائدة في ذلك الوقت - وهي النظرية التكرارية - التي قالت إن الاحتمال حقيقة من حقائق الطبيعة؛ فإذا كان واحد من كل عشرة مدخنين يموت بالسرطان، فإن احتمال وفاة المدخنين بسبب السرطان هي 10٪. كتب كينز يقول إن المطابقة بين التكرار والاحتمال «هي انحراف شديد عن الاستخدام المعروف للكلمات.» علاوة على ذلك، فإنها تفترض «الافتراض الاستقرائي» الذي لا يمكن اشتقاقه من التكرار.

كانت النقطة التي أراد كينز - قبل كل شيء - أن يثبتها هي أن معرفتنا بالاحتمالات أوسع من معرفتنا بالتكرار. وبنفس المنطق فإن معرفتنا بالاحتمالات جزئيا هي معرفة رقمية؛ أي معرفة النسب. فالحدس المنطقي - عندما يقوم على دليل - لا يمكنه في معظم الأحوال إلا أن يشير إلى أن نتيجة معينة أكثر احتمالا للحدوث من الأخرى دون القدرة على الإشارة إلى نسبة احتمال الحدوث أو عدم الحدوث. فلدينا قدر محدود من التبصر الفردي تجاه طبيعة الكون. وطرح كينز فكرة الاحتمالات المجهولة نتيجة استحالة المقارنة بين الاحتمالات في بعض الأحيان بناء على أوجه مقارنة مختلفة. فعند اتخاذ قرار أخذ مظلة عند الخروج للسير، أي القرائن التي ستدفعنا أكثر لذلك: هل كثرة الغيوم، أم ارتفاع قياس الضغط الجوي في البارومتر؟ وفي تلك الحالة، «سيكون من المنطقي السماح لرغباتنا بتحديد قرارنا وتوفير الوقت الذي سيضيع في النقاش.» مرة أخرى، لا يمكن اعتبار الجهل عائقا أمام الحكم العقلاني.

अज्ञात पृष्ठ