بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
الحمد لله الذي أنعم علينا بجلال النعم وأعظمها هو نعمة الإسلام، وجعل ديننا أشرف الأديان وملتنا خير الملل وأمتنا أوسط الأمم ونبينا هو أفضل الأنام، بين الحلال والحرام وشرع الشرائع وسن السنن وعلم بالقلم وقد أحكم الأحكام، وأتبع الكتاب بالسنة لتفصيل مجملاته وتجزئة كلياته وشرح مشكلاته رحمة للعالمين، وشفع القرآن بالحديث لتوضيح نصوصه وتبيين فصوصه وتخصيص عمومه رأفة وعناية بالمؤمنين، وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى من مشكاة ميامين وجوده تتوقد جميع أنوار الكمالات والسعادات ومنها الاقتباس' ومن شجرته المباركة ظهرت أصول خيرات الدنيا والآخرة وتبين فروعها الكافيات الشافيات وقد قال تعالى (لتبين للناس)، كلما ذكر الذاكرون والذاكرات وكلما غفل عنه الغافلون والغافلات، ورضي الله عن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين الذين نشروا العلوم في الآفاق، وطهروها من دنس الشرك والنفاق، وقد قطعوا عن الدنيا العلائق وزينوا مشارق الأرض ومغاربها بمحاسن الأفعال ومكارم الأخلاق، فأولئك أفاضل الخلائق ما اتصل أسانيد الرواة من الأخلاف إلى الأسلاف، وارتفع الدرجات بشرائف العلوم الأصناف الأشراف أمّا بعد: فإن علم الحديث بعد القرآن هو أفضل العلوم وأعلاها، وأجلّ المعارف وأسناها، من حيث إنه به يعلم مراد الله تعالى من كلامه، ومنه تظهر المقاصد من أحكامه لأن أحكام القرآن جلها بل كلها كليات، والمعلوم منه ليس إلا أمورا إجماليات، كقوله: تعالى (أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وإنّ السنة هي المعرفة بجزئياتها كمقادير أوقات الصلاة وكيفياتها وفرائضها ونوافلها وآدابها وأوضاعها وصفاتها، وهي الموضحة لمعضلاتها كأقدار نصب الزكاة وأنواع ما يجب فيها وأوقات الأداء ومن وجب عليه وما وجب منها وهلمّ جرا، وكذلك أعلى العلماء قدرا، وأنورهم بدرا، وأفخرهم خطرا، وأنبلهم شأنا، وأعظمهم عند الله منزلة ومنزلا، وأكرمهم مكانة ومكانا، حملة السنة النبوية وناقلوا أخبارها، وحفظة حديثها وعاقلوا أسرارها، ومحققوا ألفاظها وأرباب رواياتها، ومدققوا معانيها وأصحاب درايتها، وهم الطائفة المنصورة المشيدة لمباني الحق والمسالك، ولن يزالوا ظاهرين عليه حتى يأتي أمر الله وهو على ذلك، وكان
1 / 2